سبق وشاركت في برنامج يدعى "الشاشة لك" من انتاج قناة المجد تعتمد فكرته على استعراض لقطات فيديو - لا يتجاوز طولها الخمس دقائق - يشارك فيها عموم المشاهدين.. ورغم أن كل حلقة تستعرض 4 مشاركات فقط إلا أن موقع البرنامج استقبل (خلال الموسمين اللذين حكمت فيهما) أكثر من 2800 مشاركة لم يظهر منها على الشاشة سوى 132 فقط!! ولاحظ أننا نتحدث هنا عن قناة لا تعد الأكثر مشاهدة ولا تسمح بلقطات تتضمن نساء أو موسيقى تصويرية.. ومع هذا غرق البرنامج في كم هائل من المشاركات مما اضطر القائمين عليه لاختيار لقطة واحدة فقط من بين كل 21 فقط!! - هذه الأرقام المدهشة جعلتني أتساءل: من اين أتى كل هؤلاء الشباب؟.. وإلى أين سيذهبون؟.. ومن أين لهم مثل هذه الخبرات التلفزيونية والسينمائية؟.. وكم سيرتفع عددهم لو فتحت لهم فرص وبرامج أكبر؟!.. ليس هذا فحسب؛ بل لاحظت ارتفاعا نوعيا في مستوى التصوير والانتاج والاخراج وصل ذروته في نهاية شهر رمضان، لدرجة اعترفت في منتصفه أنني أصبحت عاجزا عن ملاحقة إبداعات الشباب وأنني سأنتقل من اليوم الى خانة المصفقين!! ولهذا السبب لم استغرب لاحقا حين انفجرت مواقع الفيديو واليوتيوب بإنتاجات شبابنا الرائعة.. شباب وشابات تميزوا بالإبداع والموهبة والتلقائية وخفة الظل (على عكس محطاتنا الرسمية التي لا أعلم كيف تختار مذيعيها).. وليس أدل على نجاحهم - وشعبية برامجهم - من أرقام المشاهدات الكبيرة على مواقع الفيديو.. ادخل على اليوتيوب ولاحظ بنفسك عدد من شاهد برامج مثل "ع الطاير" و"مسامير" و"لا يكثر" و"خرابيش" و"من القلب" و"فوق السادة" و"حدوته" و"يطبعون" و"الفئة الفالة"، وفي المقابل اسأل نفسك عن عدد من يشاهد برامجنا الرسمية!! .. المفارقة الغريبة؛ أن نجاح وشعبية هذه البرامج لم يُشفع لها للدخول ضمن قنواتنا التلفزيونية.. فإعلامنا الرسمي مازال تقليديا ومحافظا وتغلب عليه الجدية واللغة النخبوية.. مايزال عاجزا عن إقناع المواطن وكسب تعاطف المشاهد وخلق كاريزما تحتفظ بالمتابعين، رغم امكانياته الضخمة!! وفي المقابل نبهتنا برامج اليوتيوب الى أن مجتمعنا - بعكس مايبدو عليه - يملك روحا رياضية ترحب بالنقد والسخرية وطرح مشاكله الخاصة.. نبهتنا إلى أن عامة الشعب ترفض أطروحات "الفئة الضالة" وتتقبل بأريحية سخرية "الفئة الفالة" التي تفوقها حبا وغيرة على الوطن!! - شيء واحد فقط لمسته من "شباب الإعلام الجديد" أعتقد أنهم يفكرون فيه بطريقة خاطئة: حلمهم بالظهور على شاشات التلفزيون!! .. وهذا بنظري خطأ كبير لأن الاعلام الرسمي سيقلم فورا مخالبهم الساخرة ويلغي ميزة التلقائية وخفة الظل التي يتميزون بها (وبالتالي قد نرى نفس الوجوه ولكن بشكل جدي ومتحفظ وغتر مليئة بالنشاط).. أضف لهذا أن في الانترنت حرية عمل وإبداع لا يمكن أن تتوفر في أي محطة تلفزيونية تحكمها ضوابط كثيرة.. ثم من قال إن "التلفزيون" أفضل من المواقع الإلكترونية؟.. من يثبت أن برامج التلفزيون تتفوق على برامج الانترنت من حيث عدد المشاهدين (بدليل المقارنة بين مشاهدي قناة المجد، وبين 1,536,000 مشاهدة على اليوتيوب حققتها مشاركة بعنوان "فلم وقفه")!! .. أحبائي.. سبق وكتبت مقالا عن قرب وفاة الصحافة الورقية مقابل ازدهار الصحافة الإلكترونية؛ وعلى نفس السياق أؤكد لكم قرب وفاة التلفزيون التقليدي مقابل تلفزيون الإنترنت وارشيف اليوتيوب!! .. فقط؛ تابعوا العمل ولا تنتظروا اتصال المسؤولين!