المجتهدون الذين يتميزون ويجربون القفز فوق المراحل العادية للوصول إلى القمة ومعانقة السحاب لفرط النجاح؛ وحدهم -فقط- من يمكنهم أن يقاتلوا ويحاربوا ويكون الهم الأول إسقاطهم من أعلى القمة.. ذلك يحدث حينما يكون هناك رجل شاهق بعمله فيتقلد المناصب التي يشرفها أكثر مما تشرفه ويمنحها التقدم وإضافة الجديد أكثر من أن تضيف إليه هو.. إنه الناجح وربما كان ذلك مديراً أو مسؤولاً يحسن كثيراً التقدم بخطوات واثقة للأمام حتى إن وجد من يحاول إسقاطه، وتشويهه، وإعادته من حيث أتى إلى نقطة الصفر.. يبقى صامداً قوياً بنجاحه وتميزه وفكره ويحاول دائما أن يجرب -أيضاً- القفز وركل الوجوه المشوهة التي تحاول أن تشوه قضيته الأولى في العمل (النجاح). فهل حقاً لكل ناجح أعداء يحاولون دائماً أن يسقطوه بالمكائد وتدبير الخطط السوداء للإيقاع به؟، وهل هناك موظفون بكل ذلك القدر من السوء الذي يدفعهم أن يكون شغلهم الشاغل إحاكت المؤامرات لمدير حسن السيرة ومميز العطاء لإسقاطه.. من أجل ماذا؟.. الغيرة والحسد والغل وكره أن يكون هناك إنسان بكل ذلك القدر من التميز والاستثنائية!. أسبابها: ضعف الولاء للشخص والانتماء للكيان والحسد أو الشعور بالظلم والإقصاء ونكران الجميل.. إن تلك المؤامرات والأحقاد والحفر من الخلف لمدير أو مسؤول يحاول أن يحقق شيئاً مهماً في واقع عمله إنما هو في حقيقته قمة السوء وانحدار القيم وتوقف الإنسان أن يكون إنساناً، فما أصعب أن يفقد المرء نفسه سواء موظفاً في قطاع عمله أو إنساناً بمهام أخرى في أوجه الحياة من أجل أن يسهم في إسقاط قصة نجاح.. إنك لن تستطيع أن تخفي النجاحات مهما حقدت وتحاملت ودبرت المكائد.. فالاستثنائيون وحدهم من يمتلكون القدرة على الدخول في أكثر الممرات الضيقة ليصنعوا منها منافذ مفتوحة على الحياة والإبداع والنجاح.. مهما حاول البعض تشويه الصورة.. فالشمس لا يخفيها عود ثقاب!. نحتاج إلى «كسر الحاجز النفسي» بالزيارات الخاصة والرحلات و«الشفافية في التعامل» و«التفكير الجماعي» ذلك ما يحدث لبعض المدراء الذين يتعرضون بشكل دائم لمحاولة إسقاطهم من الداخل، ومن محيط دوائر أعمالهم.. فماهي الأسباب التي تدفع بعض الموظفين لأن يخططوا لإجهاض مشروع بقاء مدير في قسم ما أو دائرة ما أو مؤسسة ما؟، وهل يتحمل المدير جزء من تلك المسؤولية التي جعلت منه مديراً غير مقبول لدى البعض بفعل ممارسات قد لا يقصدها أو لسوء تقديره للأمور؟، وماذا عن المديرين الذين ليس هناك تهمة تلتصق بهم سوى تهمة التميز الذي يزينه النبل والنقاء والمبدأ.. ماذا عنه؟.. لماذا يحارب؟. الولاء الوظيفي وأوضح "د.محمد متروك القحطاني" -عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة الإمام- إلى بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى محاولة إسقاط المدير؛ فهناك أسباب تتعلق بالموظف، ففي بعض الأحيان قد يكون لدى الموظفين قلة ولاء وظيفي للمنظمة أو المؤسسة التي يعملون فيها؛ فإذا لم يكن لديه ولاء فإنه يشعر بالكره للمؤسسة والمدير والإدارة وتعليمات الإدارة لأنه غير مبالٍ، وربما شعر الموظف بشعور النقص؛ لأن المدير أعلى منه فيريد أن يكون مثله على مستوى وضع إداري أو مالي من حيث الراتب، كذلك ربما يكون لدى الموظف صورة نمطية سلبية، فالموظف لديه فكرة مسبقة بأن هذا المدير شديد ويعطي المعلومات الصارمة بشكل أوامر، كما أنه لا يصلح للإدارة وتلك صورة نمطية سلبية، وهناك -أحياناً- أسباب علمية خاصة بالمدير توثق من شعور الكره والتحامل بداخل الموظفين، فهناك بعض المديرين لا يقدم حوافز للموظفين، إما لقلّة الصلاحيات أو تعاطف المدير مع بعض الموظفين دون آخرين، كما أن بعض المديرين لا يطبقون تعليمات الإدارة بحذافيرها، فلا يطبق النظام بشكل صحيح؛ مما يسبب غضب الموظفين، وهناك بعض المديرينلا يعرف أن يطلب العمل من الموظف فيطلبه بصيغة الأمر. كسر الحاجز النفسي وأقترح "د.القحطاني" لعلاج تلك المشكلة أن يكون في كل شركة أو مؤسسة ما يسمى بلجنة اجتماعية وظيفتها دعم الأنشطة الترفيهية والاجتماعية لموظفي المؤسسة، مثل الرحلات أو المناسبات الخاصة التي تجمع جميع الموظفين الصغير والكبير والمدير والمسؤول مع بعضهم في جلسة مريحة خارج الدوام، ويتناولون الطعام على مائدة واحدة؛ مما يزيد من الولاء الوظيفي بداخلهم، ويزيد من الأريحية والتقارب فيما بينهم. وقال: "الحاجز النفسي ينكسر.. وشعور الموظف بأن المدير أعلى منه ينكسر.. وكذلك يشعر المدير، كما لابد من إعطاء الصلاحيات للمدير خاصة في إعطاء المعززات، وذلك من أكثر الأمور التي تحفز السلوك السليم لدى الموظف، فمن يعمل بشكل جيد يعطيه تعزيز ليتشجع الآخرين، كما لابد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فالموظف الذي لا يتقبل أوامر من مديره ممكن أن لا يصلح لهذه الوظيفة، ولكنه يصلح في وظيفة أخرى، وكذلك المدير الذي لا يعرف أن يدير موظفيه لابد من تغيره إلى مدير قادر على القيام بتلك المهمة". جهات التظلم ويرى "تركي المهيا" -محامي ومستشار قانوني- أنه إذا ما حاول بعض الموظفين إسقاط مديرهم بتشويه سمعته؛ فإن ذلك يدخل ضمن تشويه سمعة جهة العمل، وذلك يعود إلى نظام العمل؛ فجهة الاختصاص فيها اللجان العمالية التي تتبع وزارة العمل، وهي لجان قضائية تصدر فيها أحكام ولكن تصدر فيها من اللجنة الابتدائية، وأحكام هذه اللجنة قابلة للاستئناف وتنظر إذا أعترض عليها من صدر بحقه الحكم فإنها تروح للجنة العليا وهي تسمى "لجنة تسوية الخلافات العمالية". وقال:"أي مدير تظلم خارج دائرة العمل لتعرضه لتشويه سمعه أو تعرضه للقذف أو السب أو محاولة الاحتيال عليه بإلصاق التهم به ويلجأ إلى المحاكم؛ فإن ذلك يدخل ضمن القذف وتعاقب عليه الشريعة الإسلامية"، موضحاً أن هناك مادة في النظام تنص على أن إذا تعرض المدير للسب من قبل الموظف فهذا يعاقب عيها بالفصل بدون تعويض نهاية الخدمة، فمادة (80) حددت حالات فصل الموظف، ومنها: يفصل الموظف دون الحصول على حقوقه في حالات الاختلاس والسرقة، وذكر منها إذا تعرض مديره للسب أو الضرب؛ فإنه أيضاً يحرم من حقوق نهاية الخدمة. السمعة أهم من الحق وفرق "المهيا" بين جانبين مهمين لتظلم المدير من الموظف؛ فإذا أراد الشكوى لدى وزارة العمل للحصول على حقه فإن الوزارة هنا تحاول أن توطد العلاقات؛ فلا تختص بإرجاع الحقوق، بل قد تحكم بفصل الموظف ويكون الفصل هنا مشروع؛ فإذا ذهب إلى اللجنة الابتدائية رغبة في العودة إلى العمل، ويكون ثبت تظلمه على مديره؛ فإن وزارة العمل تؤيد الفصل وتؤكد عليه، أما إذا أُقيمت الدعوة من قبل المدير بتعرضه للضرب فإن ذلك يدخل ضمن مهام المحاكم الجزئية، موضحاً أنه من النادر أن يتوجه بعض المديرين والمسؤولين إلى التظلم في القضاء إذا تعرضوا إلى محاولة تشويه سمعة من قبل بعض الموظفين أو تدبير المكائد له لإسقاطه في عمله أو محاولة التشكيك في ذمته الوظيفية، وذلك خوفاً من الفضيحة وشيوع مشكلته تلك؛ فالخوف على السمعة أهم من الحصول على الحق، إلاّ أن غالبية القضايا التي ترفع في المحاكم من ذلك النوع تتعلق بتعرض المدير للضرب من قبل الموظفين، مشيراً إلى أن عقوبة الشتم للمدير من قبل بعض الموظفين أو محاولة الإساءة إليه بالألفاظ التي تشكك فيه؛ فإن الجزاء في ذلك يعود إلى تقدير القاضي للحكم. العقل الجماعي وأكد "د.محمد العلي" - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالأحساء - أن إسقاط المدير ومحاولة الإساءة له هي صورة موجودة في العالم العربي، ومتعددة الصور والدرجات؛ فحينما نأخذ من الناحية الشرعية؛ فالإسلام يأمر بالعمل بإخلاص وإتقان، وذلك من صفات المؤمن الذي يفهم وظيفته أن يخلص ويتقن في عمله، وأن ينفذ أوامر وتوجيهات المدير؛ لأن في عصيانه خراب للعمل، وإذا وجد الحسد والغيرة فإنه لن يتم البناء، فالبناء هو الهدف من النجاح سواء كان ذلك النجاح متعلقاً بوزارة أو دائرة، فالنجاح لا يمكن أن يأتي دون تعاون الموظف مع المسؤولين، كذلك في قضية المدير لابد أن يتعامل بمفهوم الإدارة الجماعية؛ ويشعر الموظفون بأنهم مسؤولون وآراؤهم معتبرة، ولا يكون دكتاتورياً في الإدارة؛ لأن ذلك ما يوقظ الغيرة وتجعل في القلوب الغضب والتملل من هذه الإدارة المركزية، والتي ترغب أن تفرض إرادتها على الموظف؛ فالمشكلة مشتركة بين المسؤول والموظف. وقال:"ينبغي على المدير أن يشعر الموظفون أن العقل الجماعي أفضل من الفرد، فالموظفون هنا يستجيبون ويتفاعلون لأنهم يشعرون بالفعالية الأكبر في التنفيذ، ولا يشعرون أن المدير يأخذ المنصب كوجاهة يأمر وهم ينفذون، فتلك مشكلة في قضايا الإدارة"، موضحاً أن المسؤولية مشتركة، فالموظف لابد أن يسمع ويطيع ويعمل بجد ويحترم مديره، وكذلك المدير عليه أن يعامل الموظف كإنسان حتى إن كان خادماً، فلا يجب أن يكون المدير إقصائياً أو يفرق بين الموظفين فيخص العلاوة لأناس دون آخرين، فمن يعمل يختلف عن من لا يعمل، مشيراً إلى أن نتيجة الغيرة والحسد من قبل بعض الموظفين على المدير نتيجته سيئة على العمل وعلى الفرد والمجتمع، بل يؤدي إلى فشل المؤسسة.