الكثير من الفضائيات المصرية خصوصاً اعطت الشارع المصري تهيئة كبيرة قبل يوم السبت الماضي موعد محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، التنويه عن النقل المباشر للمحاكمة كان على مدار الساعة، البعض اطلق عليها "محاكمة القرن"، والحدث بطبيعة الحال مهم للجميع للمصريين وغيرهم، ولكن ثقافة القضاء والمحاكمات والفضائيات تعتبر من الثقافات الجديدة في عالمنا المعاصر. شخصياً وفي سن مبكرة لي لا انسى النقل التلفزيوني لمحاكمة لاعب كرة القدم الامريكية أوجي سيمبسون بتهمة قتل زوجته، كانت الاخبار الرئيسية عالميا لا تخلو من نقل لمقتطفات من محاكمته، كان الامر مثيراً وانتظار الحكم اكثر تشويقا، كان الامر غريبا لنا في مشاهدة المحاكمة تلفزيونيا، ولكن الامر اصبح اكثر دهشة واثارة عند النقل التلفزيوني للمحاكمة الشهيرة للرئيس العراقي السابق صدام حسين وبعض اعضاء حكومته، كانت مسلسلا، شخصياً, محاكمة القرن، كنا لا نمل وكانت دروس عديدة أوحتها هذه المحاكمة، الفضائيات الاخبارية الشهيرة اعطت مساحات من التغطية المباشرة لها، كان حدث المحاكمة الابرز في الساحة في تلك الفترة، عكس محاكمة مبارك. محاكمة السبت الماضي من وجهة نظري في انعكاساتها كانت الحلقة الاضعف، اجواء المحاكمة لم تكن كالمحاكمة الاولى، المحاكمة الاولى تسببت في انشغال الاعلام عن البدايات الاولى للثورة السورية واستغلال النظام السوري لذلك في قتل المزيد من الابرياء، نتيجة الحكم صدمت الكثيرين ممن يريدون الانتقام على الطريقية الليبية، الانعكاس المباشر في الخروج مرة اخرى لميدان التحرير كشف سلبيات وتداعيات الثورة، الفضائيات المصرية انشغلت تماما بتحليل النطق بالحكم الموجز والهام، انشغل الناس قليلا من ملل التركيز اليومي المستمر لمتابعة مرسي وشفيق!. للاسف النقل المباشر للمحاكمة كان سببا في اثارة عواطف حتى البسطاء، نهاية المحاكمة بوقت مبكر وبسلاسة كانت موعدا متفقا عليه لمدمني ميدان التحرير، هذا الانعكاس مؤشر قد يتكرر بصورة اكبر لو فاز شفيق بالرئاسة، لان العاطفة وليس العقل ستقود الكثيرين لميدان التحرير للاعتراض على الفوز كما هو الاعتراض على حكم مبارك وبعض قيادات حكومته. اطرف ما شاهدت المدح الكبير للقاضي على قناة الفراعين الشهيرة بمواقفها المعاكسة، المذيع كان يشيد بالقاضي لانه في عز عصر مبارك قام بتبرئة الكثيرين من قيادات الاخوان المسلمين، وبينما هو يشيد نجد الهتافات في الخارج تهتف "الشعب يريد اسقاط القضاء" بعد ان "سقط النظام" وهنا من وجهة نظري والكثيرين سقط نظام الحكم ونظام الحياة في بلد كان رمزا للامن في السابق!. نقل المحاكمات فضائيا وبشكل مباشر له سلبياته وايجابياته، من سلبياته تأثيره العكسي والسلبي المباشر على رجل الشارع العادي، في محاكمة مبارك كان الجميع متلهفاً للاسف لشهوة الانتقام الدموي، كان الجميع بفضل التجييش الاعلامي ينتظر الاعدام، الاعلام الذي خدم النظام السابق بصورة احترافية يجعل من مقولة انقلب السحر على الساحر حاضرة امامنا، كان من الممكن ان تتم المحاكمة بعيدا عن النقل المباشر لتكون ردة الفعل اخف ولكن نعود ونكرر نحن في عز ثورة الاعلام، ولكن من سيعيد لمصر أمنها وأمانها، لا ادري!. قبل الختام لا انسى ايضا من المحاكمات الفضائية الشهيرة عربيا ومع الفارق طبعا، محاكمة رجل الاعمال المصري هشام طلعت مصطفى لقتله المغنية اللبنانية سوزان تميم، فالنقل الفضائي جعل من هذه المحاكمة جزءاً مشوقاً استمتعنا بمتابعته في تلك الفترة حتى على مستوى الفضائيات الاخبارية المهتمة بالشأن السياسي.