نصت المادة الثالثة من أهداف "هيئة مكافحة الفساد" على (مراجعة أساليب العمل وإجراءاته في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها بما يضمن تحقيق أهداف الهيئة وتنفيذ اختصاصاتها)، وعلى الرغم من ذلك إلاّ أننا لا نلاحظ أن عمل الهيئة يتقاطع في المراقبة والمراجعة مع عمل "جمعية حماية المستهلك" و"وزارة التجارة"، اللتين لم تستطيعا حتى الآن وقف الفساد أمام استغلال حاجة المواطن بتحديد الأسعار والجودة والمواصفات والرقابة على ارتفاع السلع والمبيعات. الزومان: لم نسمع عن تعاون بين هيئة مكافحة الفساد وحماية المستهلك ويرى "عبدالرحمن محمد الزومان" -خبير اقتصادي وعضو الهيئة العالمية لخبراء المخاطر- أن الفساد كلمة سيئة ومطاطة، إذ إنه يتجاوز سرقة المال العام سواءً بالاستيلاء غير المشروع أو الرشوة، بل الأمر يتعدى ذلك إلى عدة أمور تتسبب في هدر المال العام مثل الإسراف أو التبذير أو عدم الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة أو في المغالاة بالأسعار بشكل غير مبرر ويكلف المواطن والمقيم وميزانية الدولة أموالاً اكتسبها المتسبب بغير وجه حق. وأكد على أن اختيار الرجل المناسب للوظائف الحساسة يعتبر حجر الزاوية لاستغلال المواد بكفاءة عالية، وهو بالتالي سوف يختار مساعديه بناءً على معايير مناسبة من التأهيل والكفاءة والخبرة والأمانة، مشيراً إلى أنه يتعمد في عملية التعيين على معايير مختلفة لا تتوافق مع المعايير العالمية، كما أن بعض الأنظمة العتيقة لدينا عفى عليها الزمن بدون تعديل بما يتناسب مع طبيعة المرحلة، مما أسهم في تعزيز الفساد من خلال الطبقية والفقر، وكذلك ضعف العقوبات في تلك الأنظمة في معظم القطاعات. عبدالرحمن الزومان وذكر أن "حماية المستهلك" سواءً "الإدارة" أو "الجمعية" لا تؤديان أدوارهما بشكل فعال، بسبب ضعف الأنظمة، مثل نظام الوكالات التجارية والاحتكار، ونظام مكافحة الغلاء الغش والتجاري، إذ إن الأول يعزز الفقر والطبقية، وبالتالي يؤدي للفساد، والثاني ضعيف من ناحية العقوبات وتطبيقها وهو لا يردع من تسول له نفسه التلاعب بالأسعار وممارسة الغش. ودعا "الزومان" بتحديث عدد من الأنظمة ومراجعتها من قبل "هيئة مكافحة الفساد"، وأبرزها إعادة النظر في نظام الوكالات التجارية وحصر التوريد لأغلب المنتجات في أشخاص محددين على حساب المواطنين والمقيمين وميزانية الدولة؛ مما سيؤدي إلى استمرار رفع أسعار المنتجات على المديين المتوسط والطويل، منوهاً أن أسعار المنتجات المحتكرة من قبل هؤلاء الوكلاء بين عامي 1980 و2010م شهدت ارتفاعاً هائلاً في الأسعار، إلى جانب إيجاد معايير لشغل الوظائف الحساسة المرتبطة بالمواطن وسلامته ولقمة عيشه من ناحيتي الكفاءة والأمانة. واقترح إيجاد إدارة متخصصة تُعنى بالبحث والتحليل ودراسة المستقبل واقتراح الحلول عن طريق الاستعانة بالجهات العلمية والبحثية، وتقارير الرقابة الداخلية للجهات الحكومية، وتقارير ديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، وتقارير مراجعي الحسابات وخطاباتهم، وإدارات المتابعة الإدارية للجهات، والبحث والتحليل لهذه البيانات بهدف دراسة أسباب الفساد بأنواعه المختلفة واقتراح الحلول لمعالجة هذه الأسباب، إضافة إلى وضع جائزة سنوية للشفافية والنزاهة يكرم بها أكثر الجهات الحكومية تطبيقاً لمعايير النزاهة والشفافية، إلى جانب التوعية وذلك بالتكاتف مع جهات أخرى في الدولة من مؤسسات دينية واجتماعية وعلمية واقتصادية، ووضع إستراتيجية وطنية لها يتم تطبيقها خلال عقد من الزمن.