لم تكن مفاجأة أن يظهر صوت" الأبلاتين " في جنبات الحرم المكي الشريف، عندما كان يؤذن الأذان الواحد أربعة مؤذنين من منارات مختلفة منهم" الريس" لأنه كبير المؤذنين، إلى جانب حسن لبني وعبدالرحمن مؤذن، ويتناولون أداء الأذان وتنغيمه" الحجاز" بطرق مختلفة واصوات متباينه يظهر معها صوت الواحد بشكل مختلف أعطى للأذان رونقاً خاصاً وتنغيماً مختلفاً. في تلك الأثناء كان يقدم الأذان وفي غالب الصلوات خمسة إلى ستة مؤذنين في الأذان الواحد، حيث تتناغم أصواتهم بالأخص صوت حسن اللبني والأبلاتين"عبدالرحمن مؤذن" الذين تعامل كل منهما كصوت في أداء المجسات والدانات وألوان الغناء المكي والحجازي. السيد عبدالرحمن دحلان بصمجي - الأبلاتين- ينتمي لأسرة مرموقة في مكة ولقب بالمؤذن نسبة لكونه مؤذنا في الحرم المكي ومن سكان حارة أجياد بمكةالمكرمة، التي نشأ وترعرع بها وعاصر في زمانه كثيراً من المؤذنين البارزين أمثال حسن اللبني والبصنوي وغيرهما . المؤذن-الأبلاتين- يعد من البارزين بينهم نظراً لشهرته. إذ قال أحد المعاصرين له:" بأن سبب تسميته - بالأبلاتين - تعود لقوة صوته على اعتبار أنه صوت أصلي مثل - الذهب الأبيض- قبل دخول مكبرات الصوت" المايكروفونات". من هناك, بات عبدالرحمن مؤذن"الأبلاتين"إلى يومنا هذا هو الفاصل الأهم في المقام الحجازي الأصيل وألوان الدانات وتقديم المجسات والفلكور الحجازي الأصيل. الذي تميز بأصالة وقوة صوته ولمعان حنجرته وصفائها إلى يومنا هذا، ماجعله جسيس مكة لأجيال متعاقبة من " الخمسينات إلى نهاية السبعينيات" منها اكتسب شهرة وحب جميع سكان مكة وزائريها. وبما انه أحد المؤذنين في الحرم المكي الشريف ولحلاوة وقوة صوته لقب ايضاً "بالمؤذن"، هو و"حسن لبني" يعتبران من أشهر مؤذني الحرم والذين احترفوا الغناء في مناسبات أهالي وكبار أهالي مكةالمكرمة، على وجه التحديد في أداء مجسات عقد القران. ومن أشهر المجسات التي عرفت عنه – ياشاري القماري- أقبلت في غلالة زرقاء- أحب من الأحباب- بروحي فتاة- عُد ياحبيبي بالتواصل- غنى الهزار على الغصون- صاح في العاشقين.كما قدم مجس – على العقيق اجتمعنا-بمشاركة الفنان محمد علي سندي"رحمه الله" حسن اللبني يقول عنه الفنان الموسيقى جميل محمود:" كنت أحضر الحفلات وأسمع صوت عبدالرحمن المؤذن - رحمه الله- يجلجل في حارات مكة حيث كانت جغرافية مكة تساعد على وصول الصوت إلى أكبر مدى ومساحة ممكنة، ربما لصوته القوي وسكون مكة في ذلك الوقت. جميل محمود حينما يتذكر تلك السيرة الخالدة في صوت"الأبلاتين"تعود به الذاكرة : لقد جاء إلى المدينةالمنورة بين عامي" 1393 – 1395 ه"عندما كنت مديراً لمرور المدينةالمنورة، وقدمنا أمسيات من الغناء الأصيل في تلك الفترة، وجمعتهما الكثير من المناسبات في الفن الفلكلوري. مما يميز عبد الرحمن المؤذن رحمه الله - أنه كان يتعامل مع الوان الغناء بإيقاعات الشرقين والمزمار والخيالي، وهذا اللون الأخير من الغناء هو في الأصل العرضة "الزهرانية". بينما تأثر الشيخ بأداء الأذان بنغمة الحجازية التي برع بها برفع الأذان بالمسجد الحرام في الثمانينيات والتسعينيات هجرية. عبده مزيد مايسترو الفرقة الموسيقية السعودية في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي, قال: أذكر أن محمد عبده اختاره في السبعينيات ليدخل صوته ولونه الغنائي في مقطوعة موسيقية من تأليفه وهو ما حدث بالفعل، حيث كان العمل مميزا لكونه مقطوعة موسيقية ب"مجس" فقط، وهي المرة الأولى التي يعد فيها مثل هذا العمل وتم تقديمه في زفاف ضخم ."الجسيس" محمد أمان أحد التابعين لمدرسة عبدالرحمن المؤذن:"الأبلاتين"ومنذ دخولي الساحة الفنية ك"جسيس" أرى طيفه أمامي وطريقة أدائه لا تفارقني، باختصار هو فنان عظيم وسيد لأداء لون المجس، إضافة إلى قوة صوته. عبدالرحمن المؤذن كان من أشهر المؤذنين جمالاً في الصوت وقوة في الأداء وتميزا بأداء المجسات والإبتهالات، بل كان تميزه في حضوره البارز في عدة عقود، وربما ما يميزه حفظه لفنون من سبقوه من فناني مكةالمكرمة ك"الشريف هاشم وحسن جاوة".