تتوسع علاقات المملكة بدول العالم كله مبتعدة عن التصنيف بالصديق والعدو، عدا إسرائيل فهي دولة حرب مع الأمة العربية والعالم الإسلامي وعداء تقليدي، غير أن دولاً وقارات ظلت الأقل في الاهتمام، وخاصة المبادلات التجارية والاقتصادية مع القطاع الخاص، والباحث دائماً عن مجالات الاستثمار في أي بلد تتيح ظروفه الأمان في هذه المعاملات.. فآسيا الوسطى ذات الأغلبية المسلمة، والميادين المفتوحة، لا نجد مؤتمراً عقد بين أعضاء من تلك الحكومات ورجال الأعمال السعوديين، بل تركت هذه المهمة لتحتلها إسرائيل وإيران وتركيا، بينما الواقع يفرض أن نبحث عن العوامل المشتركة التي تعزز جانب العلاقات وفق أسس وقواعد لا تخدم الجانب الاقتصادي فقط، وإنما العلاقات الاجتماعية والسياسية، والفرص لا تزال مفتوحة لمن ينشد فتح النوافذ على كل الاتجاهات.. أفريقيا منجم كبير فيها دولة الجنوب تُصنف من الدول المتقدمة، بارعة في استغلال المناجم ولديها صناعات هائلة في مختلف المجالات، وهناك دول بكر في كل شيء أصبحت ميدان سباق بين القوى العظمى، حتى أن دخول الصين للقارة التي ظلت المجال الحيوي لأوروبا وأمريكا، خلق هاجس التوسع الامبراطوري للصين لأن استثماراتها جاءت ملبية لمطالب معظم تلك الدول في تأسيس بنية أساسية مقابل استغلال ثرواتها، والمؤسف أننا مع الوفرة المادية، والعقل الاقتصادي الجيد لرجال الأعمال، لا نرى الاتجاه يأخذ مداه رغم الترحيب من تلك الحكومات والشعوب بحكم الروابط الإسلامية، إلا أن آثرنا في مشاريع الزراعة والصناعة وغيرهما لا تذكر، مما أفرز اتجاهاً سلبياً على القضايا العربية برمتها، حتى أن الدول العربية التي تقع في هذه القارة ليس لها التأثير مثل ما تفعله إسرائيل في الجوانب الاقتصادية أو الثقافية، ثم السياسية.. أمريكا الجنوبية وصل فيها بعض العرب إلى القيادات العليا وهناك جاليات من أروقتنا تركناها تنسى محاضنها الأصلية، وتندمج ثقافياً وعرقياً، بأن نست أي رابط مع أمتها، وهذا التقصير لا يُعزى للدول التي خرجت منها هذه الجموع، وإنما لعدم جدية التفاعل معها وفق ما تفعله أي دولة لها جاليات تتواصل معها وتدفعها أن تكون فاعلة، ومع أن الظروف تساعد الاتجاه لهذه القارة التي تمتلك مقومات المبادلات التجارية والدخول معها في شراكة استراتيجية، نجد أن الشمال وحده الذي يحظى بهذه العلاقات المميزة، وهو أمر مطلوب، لكن تنويع الاتجاهات والبحث عن كيانات لديها ما تأخذ وتعطي، يفرض علينا أن نذهب لها، لا أن نطالبها المجيء إلينا أسوة بكل طرق الأعمال المشتركة مع مختلف الحكومات والشعوب.. لا أدري لو شكلت دول مجلس التعاون الخليجي قوة اقتصادية موحدة، ولعبت دور المؤثر في تلك القارات أو الكتل الجغرافية المهمة في آسيا، واتجهت لأن تكون عاملاً مؤثراً في الرأي العام من خلال سياسات تؤكد مصالح الجميع، أظن سنكون الفعل الايجابي ليس في مجال محدود، بل بكل أبعاد ما توفره عمليات كهذه..