الوطن يحصد «مفاتيح التنوير» الموضوعي للتواصل مع عصر متغيّر ومتسارع لا يقبل الجمود خادم الحرمين الشريفين.. قائد سبق برؤيته السياسية الحكيمة شعبه، فتحقق لهم الانفتاح المسؤول المتدرج، ليدفعه إلى مصاف الدول المتقدمة، إنه الانفتاح الذي لم يمس هويتنا وثوابتنا، بل إنه انفتاح يعبر عن رؤية جديدة ومتطورة ومتسارعة لمجتمع لا يمكن أن يظل بمعزل عما يدور حوله من حراك متسارع، فقد أراد -حفظه الله- لشعبه أن يتحلل من بعض الرؤى الضيقة، ليخرج الى أفق أوسع وأرحب؛ لأنه الشعب الذي يملك أدوات المعرفة والتواجد الديني، مما يستدعي أن يكون المجتمع الأوسع حضوراً بين باقي المجتمعات. رؤية متطورة وقال "د.خالد بن إبراهيم الرويتع" -أستاذ الإعلام السياسي بمعهد الدراسات الدبلوماسية-: يعد تطوير التعليم العام والعالي أحد المفاصل المهمة في المشروع الإصلاحي لخادم الحرمين الشريفين، والذي ساهم في فتح الأبواب أمام إرادة سياسية لانفتاح يعبر عن رؤية متطورة للمجتمع، حيث قال -حفظه الله-: "التعليم في المملكة نموذج متميز وركيزة رئيسية للاستثمار والتنمية، والأجيال القادمة هم الثروة الحقيقية، والاهتمام بهم هدف أساسي"، لافتاً إلى أنه نمت معدلات الانفاق على التعليم في المملكة بشكل متسارع في السنوات القليلة الماضية، مما أهل المملكة لتكون في مصاف الدول الأربعين الأعلى إنفاقاً على التعليم على مستوى العالم، ذاكراً أنه بلغ الانفاق على التعليم (5.6%) من إجمالي الإنتاج المحلي في عام 2008م، متقدماً بذلك على الولاياتالمتحدةالامريكية (5.5%) وبريطانيا (5.5%) وهولندا (5.3%)، كما بلغ (19.3%) من إجمالي الإنفاق الحكومي في ذات الفترة، مؤكداً على أنه انخفضت أعداد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم من (258.768) في عام 2007م، الى (154.275) في عام 2009م بنسبة بلغت (60%) تقريباً. مفاصل مهمة خادم الحرمين يؤكد على أهمية تطوير التعليم أثناء استقباله وزير التربية ووصف "د.الرويتع" العصر الذي تعيشه المرأة بالذهبي؛ نظراً لمساحة الإنفتاح الذي تشهده، إذا تعد قضايا المرأة في المرأة، وتعزيز المشاركة السياسية، مفاصل مهمة لمشروع الإصلاح لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، والقائم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعيين أول امرأة على منصب وزاري كنائب لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات في عام 2009م ، وعقدت الانتخابات البلدية لاختيار نصف أعضاء المجالس البلدية البالغ عددهم (250) عضواً، ومنحت المرأة حق التصويت والترشح في الانتخابات البلدية المقبلة، وحق الانضمام لعضوية مجلس الشوري، مضيفاً أن للانفتاح وجه آخر يتعلق بالعلاقة مع الآخر، وذلك عندما أطلق الملك عبدالله في عام 2008م مبادرة حوار الأديان والثقافات، بهدف تشجيع الحوارالمتسامح ونبذ الوثوقية والعنف على مستوى العالم، مشدداً على ضرورة الاعتراف بالآخر واحترام حقة المشروع في الاختلاف، وبالتالي ادارة هذا الاختلاف سلمياً، مشيراً إلى أن الوثوقية التي تلغي الاختلاف هي أحد مهددات العلاقة بين الثقافات؛ لأنها تحل اللا تسامح محل التسامح، فيظهر العنف فكراً وسلوكاً، وتظهر التيارات التي تهدد الانسانية. مراحل التطور وشدّد "د.أنور عشقي" -رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية - على أهمية الانفتاح الذي يعيشه الشعب، والذي أصبح على قدر كبير من المعرفة استوجب وجود هذا الانفتاح والحرية، مؤكداً على أنه آن الأوان لأن ينال انفتاحاً أكبر في ظل المتغيرات الجديدة؛ ليأخذ مكانته المناسبة في المجتمع الدولي، ويستطيع أيضاً من خلال هذا الانفتاح أن يدعم القيادة سواء في المجال الإقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، لتتوالى مراحل التطور، وخصوصاً أن المملكة تبوأت مركز الريادة في العالمين العربي والإسلامي، لذلك مطلوب منها أن تكون في مصاف الدول المتطورة، مبيناً أن الملك عبدالله نهل من نبع السياسة عندما كان مرافقاً مع المغفور له الملك عبدالعزيز، وتعرف منذ نعومة أظفاره على السياسة العالمية والدولية، بالإضافة إلى أنه اعتمد على الدراسات والمعلومات الدقيقة، وهمّه أن يدفع بهذا الشعب إلى سلم المجد، لهذا هو سبق المجتمع برؤيته؛ لأنه كان ينظر الى الثغرات والسلبيات وصححها، وبذلك استطاع أن يقود المجتمع وخلال فترة وجيزة إلى مصاف الدول المتقدمة. محاورة العالم مبتعثات ينتظرن العودة إلى المملكة لخدمتها في جميع المجالات وذكر "د.عشقي" أن الإنفتاح المسؤول الذي أشرق علينا له ثوابت وجذور قوية مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، لذلك نجد أن الجانب الاقتصادي والسياسي لم تؤثر فيه الهزات التي يمر بها العالم، مما يدل على أن المملكة وشعبها يستطيعون محاورة العالم فكرياً وثقافياً، موضحاً أن بصيرة خادم الحرمين الشريفين رأت ضرورة أن تتحاور جميع أطراف المجتمع مع بعضها بشكل مباشر، من خلال الحوار الوطني، مما مكن كل طرف من معرفة الأطراف الأخرى، مبيناً أنه لا نغفل رؤيته لدور ومكانة المرأة السعودية ومشاركتها في مجالات المجتمع المختلفة، وذلك ضمن أعرافنا وتقاليدنا العربية، وجميع هذه الأشياء تدلل على أننا ننفتح على العالم برؤية سديدة، مشيراً إلى اهتمام خادم الحرمين بتكوين جيل من الشباب المتعلم والمتزامن مع الانفتاح والتوسع في الجامعات والابتعاث، وبهذه الوتيرة غير المسبوقة، ذاكراً أنه على المستوى المحلي فجولات خادم الحرمين وخطاباته أكدت على أن المناطق المختلفة ينبغي أن تحظي بنفس الاهتمام والقدر من خطط التنمية الطموحة التي تعيشها باقي المناطق، ومع التوسع في المدن الاقتصادية الهدف منها أن تشمل هذه التنمية جميع أجزاء المملكة، ليصبح هناك ممر من الشمال إلى جنوب المملكة، ومع اكتمال فكرة المدن الاقتصادية فإن ذلك سيصبح انفتاح داخلي. رؤية استشرافية ورأى "د.خالد الرديعان" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود- أن الملك عبدالله يملك رؤية استشرافية للمستقبل، وهذه إحدى سمات القادة العظماء، وطبيعي أن تكون رؤيته منبثقة من تفهمه العميق لواقع المجتمع ومتطلباته والتحولات التاريخية التي يمر بها، شارحاً ذلك أن التحولات التي مر بها المجتمع في العقود الماضية كانت بطيئة على المستوى الفكري والثقافي، لكنها أصبحت ذات وتيرة سريعة في السنوات العشر الأخيرة، بسبب رؤية الملك عبدالله الثاقبة من جهة، وبفعل وقع "العولمة" ومتطلباتها من جهة أخرى، وما أحدثته من تأثيرات عميقة في المجتمع، مؤكداً على أن الملك عبدالله واكب هذه التغيرات؛ فبدأ بمشروعه الفذ في الحوار الوطني، وعزز من قيم الشفافية والمكاشفة، وكذلك تمكين المرأة، وتنبّه جيداًّ لأهمية اقتصاد المعرفة، فزاد عدد الجامعات وطلابها للجنسين، وفوق ذلك ابتعث للدراسة في الخارج ما يزيد على (140) ألف شاب وشابة من أبناء هذا الوطن، ناهيك عن اهتمامه بالبنية التحتية واحتياجات المواطنين الملحة كالسكن والعمل، وهو يبدي -حفظه الله- مزيداً من الاهتمام بمسألة البطالة وفتح فرص عمل جديدة وغير مألوفة للمرأة، ذاكراً أنه سبق الكثيرون في رؤيته وخطواته، صحيح أن هناك من يعتقد على ضرورة التروي وعدم الاندفاع، إلاّ أن من يرون ذلك هم قلة ولا يمثلون هموم الشعب وتطلعاته، فالملك عبدالله بأسلوبه التنويري والتقدمي يمثل روح الشعب السعودي الفتي، بل ويمثل ضمير الأمة بكل تطلعاتها المشروعة الى المجد والرقي. المرأة أثبتت نجاحاً في مسؤولية الحضور الواعي والمسؤول أهمية قصوى وقال الأكاديمي "د.أبو بكر باقادر": إنه مع تدفق النفط والنهج الاقتصادي الذي تنهجه الحكومة ومشاركة العمالة الوافدة، وميل المواطنين لقضاء الإجازة السنوية خارج البلد، والنزعة الاستهلاكية الكبيرة، أدى ذلك إلى ما يمكن أن نسميه بالانفتاح على العالم، مضيفاً أنه في عهد الملك عبدالله أصبح توجهه أن يتواصل المجتمع مع العالم بلغة العصر ومتطلبات العصر دون الإصرار على التأكيد من خوف ذهاب الهوية أو زعزعة المسلمات، وأصبحت الخصوصية التي ينادي بها البعض هي خصوصية القدرة على التعايش والتعامل والتكيف مع متغيرات العصر والذي يمر بموجة عولمة كبيرة. وأكد الكاتب الأكاديمي "سعود البلوي" على أن الانفتاح على العالم الخارجي يمثل أهمية قصوى في الوقت الحالي والذي ذابت فيه الحدود الحضارية بفعل ثورة الاتصالات والمواصلات، مؤكداً على أن خادم الحرمين -حفظه الله- نظر إلى هذا الأمر برؤيته الثاقبة، وعمل بجد على إفادة المجتمع من الانفتاح، كونه ضرورة حضارية تحتمها الحياة الحديثة في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن بعض الفئات المجتمعية كانت تنظر إلى الانفتاح كمفهوم سلبي ومع مرور الوقت، بدأنا نتلمس تجاوب المجتمع معه، وهذا يؤكد على أن رؤية الملك عبدالله في هذا الجانب كانت ثاقبة من خلال اهتمامه بالتنمية بشكل عام والتي يتضمنها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في مجال التعليم العالي، وكذلك من خلال الانفتاح الثقافي والإعلامي على العالم الخارجي ومن أمثلة ذلك المؤتمرات ومعارض الكتب الدولية والمشاركات السعودية في الخارج. طريقة حضارية ورأى "عبدالعزيز الهنيدي" - فريق متقاعد - أن السياسات الحكيمة التي انتهجها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- تتشكل في الانفتاح العاقل والمسؤول والحكيم والذي تزامن مع حوار الأديان لمعرفة الثقافات الدينية والعادات والتقاليد المتعلقة بالشعوب، ومن أجل توضيح سماحة الإسلام وعدالته للآخرين، مضيفاً أن الحوار الوطني الذي يؤكد عليه دائماً في لقاءاته وعلى ضرورة تفعيله في كل مرافق المجتمع سواء المنزل أوالشارع أو أماكن العمل، مضيفاً أنه يتصور طريقة الانفتاح التي نتلمسها ونعيشها طريقة حضارية، مؤكداً على الانغلاق يمثل كارثة تولد ضيق الأفق وقلة الحكمة، وكذلك قلة الثقافة. د.خالد الرديعان د.خالد الرويتع د.أبو بكر باقادر سعود البلوي عبدالعزيز الهنيدي