يوماً بعد يوم ومعاناة المدن الكبرى تزداد بسبب زيادة معدلات التزاحم السكاني وزيادة الضغط السكاني على الخدمات والمرافق فيها وعلى الأخص الخدمات الصحية والتعليمية، فعلى الرغم من الدعم الكبير الموجه نحو هذين القطاعين والعمل الجاد من قبل المعنيين في هذين القطاعين على تطويرهما، إلا أن حجم المعاناة مع هذين القطاعين لايزال كبيرا ودون المستوى المأمول لا لرداءة ما يقدم من خدمات بل نتيجةً لما يعانيه هذان القطاعان من طلب وضغط متزايد عليهما، حيث إن الجهد المبذول من قبل المعنيين على هذين القطاعين أصبح أثره محدود وغير ظاهر للعيان نتيجةً لذلك. فلكم أن تتصوروا العدد الكبير من المستشفيات الحكومية في مدينة كبرى كالرياض أو جدة ومع ذلك تجدك مضطراً للانتظار من أجل الحصول على موعد مع الطبيب لفترة تتراوح من أربعة أشهر إلى ستة أشهر. وليس الحال في قطاع التعليم بأفضل من قطاع الصحة حيث يعاني كذلك من تزايد الطلب والضغط على الخدمات التعليمية وارتفاع أعداد الطلاب في الفصول إذ أصبح يتجاوز عدد الطلاب في الفصل الواحد خمسين طالباً، بالإضافة إلى تردي حالة بعض المباني المدرسية لاسيما في المدن المتوسطة والصغيرة في المحافظات. أما إذا نظرت لحال المدن الأخرى في المحافظات فإن مطالب السكان هناك تتركز بشكل كبير على ضرورة توفير الخدمات الصحية والتعليمية عالية المستوى نظراً لأهميتهما وتأثيرهما المباشر على السكان وتسببهما في نزوح الأسر والهجرة نحو المدن الكبرى. إن السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة هو البدء في معالجات صحيحة وجذرية لمشاكل نقص الخدمات لاسيما الخدمات الصحية والتعليمية، وتغيير الصورة السلبية عن هذين القطاعين بضخ المزيد من مخصصات الميزانية نحو تطوير الخدمات المقدمة من قبلها في المحافظات وتقديم التسهيلات والحوافز للكوادر العاملة في هذين القطاعين خارج المدن الكبرى، لتسهم بالتالي في تشجيع الهجرة المعاكسة من المدن الكبرى نحو المدن الأخرى في المحافظات. * متخصص في التخطيط العمراني