تتذمر "رحاب" من تعامل والدتها القاسي معها، فضلاً عن عنف ردة فعلها، جراء مواقف بسيطة لا تحتمل ذلك؛ مما جعلها تتهرّب من الجلوس معها، وتبتعد عن نطاق أسرتها، وأصبحت تلجأ لمن حولها؛ لكي تتحدث معهم، وتخرج عن أجواء الضغوط النفسية في المنزل، بل إنها أضحت تتخوف من استشارة والدتها في أي أمرٍ كان؛ خشية أن تكون ردة فعلها قاسية، إلى جانب سوء تعاملها. ويبقى خوف الأم على أبنائها ليس أمراً مبرراً لأن تكون قاسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل يجب أن تدرك أن إفراطها بالقسوة ربما يسوق ابنها إلى الانحراف ومصير غير سار، وبالتالي انعدام الثقة بينها وبين أبنائها!. نابعة من حِرقة وأكدت "أم عبدالرحمن" على أن القسوة على الأبناء ليست حقيقية من داخل القلب، وإنما من خارجه؛ حتى يتم عقاب المخطئ أو من أجل إيصال فكرة معينة، مشيرة إلى أن الزمن الحاضر يستدعي التعامل مع الأبناء بقسوة، نظراً لأنهم أكثر قوة وعناداً من الجيل السابق، الأمر الذي يستدعي استخدام وسائل العقاب في التربية؛ من أجل أن يكونوا في الطريق الصحيح. وأوضحت "سلمى فهد" أن بعض الأبناء يظنون أن مشاعر الغضب نابعة من قسوة قلب حجر من دون شعور، بينما أن تلك المشاعر نابعة من حُرقة عند ارتكاب الأبناء أي عمل خاطئ، حتى وإن كان بسيطاً، مبينةً أن إظهار تلك المشاعر يكون خوفاً عليهم من المستقبل وما قد يترتب على خطأهم بشكل أكبر. مجرد حماية وبينت "هدى القحطاني" أن الأم قد تتعامل بقسوة في بعض الأحيان جراء موقف تافه لا يستحق الانفعال، وقد تكون ردة فعلها إيضاحاً أو حثاً في موقف معين، موضحة أن المشكلة عندما تهدأ يستشعر الأبناء سر خوف والدتهم عليهم، وأن ما فعلته ليس سوى حماية لهم. ورأت "عزيزة سليمان" أن تعامل بعض الأمهات مع أبنائهم يحمل قساوة بالغة وجفافا في التعامل، مما يجعل الأبناء يتذمرون من قسوة أمهاتهم وحدة أسلوبهن، داعية أن تختلف الحدة باختلاف فداحة الخطأ، وليس أن تكون هناك قسوة في التعامل دائماً. عقاب وثواب وقال "مازن محمد": إن قسوة الأم تولد انفجاراً كبيراً، وربما يستمد الابن قسوته منها عند الخروج مع أصدقائه، لافتاً أن خوف الأم على أبنائها بتلك الطريقة؛ ينفرهم منها ومن الحياة، وقد يُحدث عواقب وخيمة. وأشارت "مريم سالم" إلى أنها لم تعد تدرك الشيء المستوجب للعقاب، والمستحق للثواب؛ لأن والدتها تتابعها فوق رأسها، دون أن تتريث قليلاً في انفعالاتها حتى تتمكن فتح قلبها معها، وتقدم لها مشكلاتها بين يديها بحثاً عن الحلول. عبدالرحمن الشمري قسوة حادة وحذرت "مُنى الدريهم" من الدعاء على الأبناء؛ بسبب أي خطأ يرتكبونه، مؤكدةً على أن قسوة بعض الأمهات تتعدى المعدل الطبيعي، وتصل إلى القسوة الحادة، بل إلى الغضب والدعاء بدعوات يتألم من يسمعها على الرغم من تفاهة الموقف المسبب لغضبها. ودعت "سلمى الحامد" الأمهات أن يُفرّقوا بين القسوة والتربية فكلاهما لا يتفقان أبداً، حيث إن الأم مهما قست على أبنائها ظناً منها أنها تربيهم التربية الحسنة، وأنهم سيصبحون صالحين موافقين لها بكل ما تريد بذلك التعامل فهذا أمر غير صحيح، وقد يؤثر سلباً عليهم، وتبني داخلهم تعلّم القسوة، وعدم التفاهم وانعدام لغة الحوار المهمة لكل أسرة في التربية. سبب للنفور وتوقع "عبدالله الفواز" أن تسبب قسوة الأمهات نفوراً من الأبناء لأبنائهم، يجعلهم يبتعدون عن نطاق الأسرة، إلى جانب أنه يجعل الأبناء يتحملون ضغوطاً كبيرة دون أن يتم احتواؤهم من قبل الأمهات. وقالت"أم هيثم": "إن قسوتنا على أبنائنا وتربيتنا لهم ليس دليلاً على كراهيتنا ولا على عدم تقبلنا تصرفاتهم، وربما يكون خطأ الابن لا يستدعي سوى تنبيهاً بقسوة تزرع داخله أن ماعمله أمر خاطئ، وإيضاح ما قد يتبعه من أمور حتى يتدارك ذلك مستقبلاً ولا يعود إليه". وازع أخلاقي وأكد "عبدالرحمن بن ساير الشمري" -باحث اجتماعي- على أن القسوة هي الصلابة والشدة وعدم الرحمة، مبيناً أن الأم عندما تفعل ذلك فإنها لا تريد إيقاع الأضرار به بقدر ما تريد أن تُشكَّل وازعاً أخلاقياً يسمو بطفلها إلى درجات الفضيلة، ويجنبه الوقوع في الأخطاء، مضيفاً أن أبرز أسباب قسوة الأمهات تكمن في عدم التحكم بردة الفعل عند ارتكاب الأبناء بعض الأخطاء، إلى جانب غياب المفاهيم الأخرى في معالجة الأخطاء، وكذلك استسهال بعض الأمهات المعالجة عن طريق القسوة، إضافةً إلى عدم إدراكهن خطورة مثل ذلك، حيث يتسبب في انحرافهم، واتباعهم مسالك سلبية، موضحاً أن خوف الأم على أبنائها ليس أمراً مبرراً لأن تكون قاسية، بل يجب أن تدرك أن إفراطها بالقسوة ربما يسوق ابنها إلى الانحراف ومصير غير سار.