ظلت المدينةالمنورة ومكة المكرمة إلى منتصف القرن الفارط مناطق خصبة لكتابات الرحالة العرب والمسلمين والغربيين، حيث زار هاتين المدينتين جمهرة من أبرز الرحالة منذ القرن السادس الهجري على يد الرحالة ابن جبير. واليوم يخصص الباحث والمؤرخ السيد عدنان اليافي كتاباً كاملاً لمن زار المدينةالمنورة من الرحالة الغربيين. وقد وسمه ب(المدينةالمنورة في أعين رحالة الغربيين) جمع فيه أكثر من خمسة عشر رحالة عربي ممن زاروا المدينةالمنورة وقبل ذلك عرج إلى أبرز الرحلات العربية التي قصدت المدينةالمنورة. يقول الشيخ أحمد زكي يماني في تصديره للكتاب: إن دراسة المدينةالمنورة تعد من الأمور المهمة واستحضار ما قاله الرحالة عنها في عصور سابقة وغير بعيدة من وسائل تلك الدراسات والاهتمام بما قاله الرحالة الأوروبيون فيها له أهمية خاصة لأن لبعضهم عيوناً تختلف عن عيون الرحالة المسلمين. في حين يرى الكاتب الأستاذ أحمد محمد محمود في تقديمه للكتاب: إن ما كتبه الرحالة الغربيون النصارى المدينةالمنورة مرجعاً للدارسين من غير المسلمين فصححت كثير من المعلومات المغلوطة عن المدينةالمنورة بل عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن نسج غير المسلمين عن النبي الكريم وعن المدينةالمنورة كثير من الخرافات والأكاذيب والتجني الذي غذى كراهة الصليبيين للإسلام ولنبيه مما كان من ثماره الخطيرة قديماً وحديثاً الحروب الصليبية على ديار المسلمين. الكتاب اشتمل على جملة من الموضوعات حين استهل المؤلف كتابه عن الاستشراق ونشأته وكذلك دوافع الرحالة الغربيين للقدوم إلى الجزيرة العربية ثم قدم نبذة مختصرة عن تاريخ المدينةالمنورة ومن سكنها قبل الإسلام وبعده وعرج على الهجرة النبوية إلى طيبة وأشار الدكتور اليافي أيضاً إلى أبرز المواقع الهامة بالمدينة كما تناول أسماء المدينةالمنورة وفضائلها وكذلك دورها في العهود الإسلامية الماضية حتى عهد الملك عبدالعزيز وتوقف السيد اليافي عند تاريخ المسجد النبوي وبنائه في الرسول عليه السلام والزيادات التي حصلت له فيما بعد. أما الرحلات العربية التي وقفت على المدينةالمنورة وهي أكثر من عشرين رحلة فقد ذكرها المؤلف وكان من أبرزهم رحلة ابن جبير ورحلة ابن بطوطه ورحلة البكري ورحلة العياشي ورحلة الصفدي ورحلة ابن عبدالسلام وغيرها من الرحلات. في حين أفرد جزءاً كبيراً من الكتاب عن الرحالة الغربيين وهو موضوع الكتاب مع وصف دقيق لما كتبوه عن المدينةالمنورة من حيث السكان والمسجد النبوي والنشاط البشري فيها وكذلك المناخ والعادات والتقاليد في المدينةالمنورة وكان من هؤلاء الرحالة: لودفيكو دي فارثيما الذي تسمى ب(الحاج يونس المصري) وجوزيف بتس وجون لويس بيركهارت وجورج سادلير وليون روش وريتشارد بيرتون والدكتور سنوك هور خرونية وعبدالعزيز دولتشين والحاج عبدالله ويليامسون والكونتيسة مالميجناتي ومحمد أسد وإلدون رتر وهاري سانت فيلبي وإيفلين زينب كوبولد وسعيدة ونيا ميلر خليفة. وقد أحسن المؤلف بأن ذيل كتابه بقصيدتان إحداهما للشاعر عبدالمحسن حليت مسلم والأخر للشاعر محمد علي مغربي وقد زين الكاتب بعدد من صور المستشرقين وبعض الوثائق والخرائط لطيبة الطيبة,