تحت طبعته الأولى وفي قطع من القطع الكبير أصدر المؤرخ الدكتور عدنان بن عبد البديع اليافي كتابه «المدينةالمنورة في أعين رحالة غربيين»، وفيه ضمّن العديد من الموضوعات التي تتناول المدينةالمنورة واتساقها مع ما كتبه بعض الرحالة والمستشرقين، دلف فيها المؤلف إلى عرض لمحة عن الاستشراق بعد أن قدم موجزًا عن تاريخه وتعريفه، ليتوالى تناوله للاستشراق ببعض المداخل والدراسات المعمقة فيه، منها تعريف الاستشراق لغويًا ونشأته وبدايته، وليستعرض بعد ذلك النسق الذي جمع المدينةالمنورة ببعض أدبيات الرحالة الغربيين إلى ما صاحب ذلك من بعض الدوافع التي كانت وراء مجيء الرحالة الغربيين للجزيرة العربية، فضلا عما ألمح إليه المؤلف من تقديم لجغرافية البلدان والرحلات. وقد تعدت موضوعات الكتاب ذلك لتتناول موضوعات ذات صلة، ومنها ما عنونه المؤلف ب «الإنسان والرحلة»، و»أغراض الرحلة»، و»رحلات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام»، وكل ذلك كان تمهيدًا لتاريخ المدينةالمنورة من خلال موضوعات عدة، تناولت: تعريف المدينةالمنورة اصطلاحًا، وسكان المدينةالمنورة، وسكن اليهود للمدينة المنورة، وسكن الأوس والخزرج أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة، ويثرب قبل الإسلام، ويثرب والدولة المعينية، ويثرب ومملكة سبأ، ويثرب والكلدانيون، ويثرب والرومان، والهجرة النبوية الشريفة إلى المدينةالمنورة، وموقع المسجد النبوي، وأرض المسجد النبوي، وسكن الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينةالمنورة. وموقع المدينةالمنورة من خلال موضوعات عدة، تناولت: الموقع قديمًا وحاليًا، والمساحة قديمًا وحديثًا. والسكان من خلال موضوعات تفصيلية متعددة، تناولت: سكان المدينةالمنورة قديمًا وحاليًا، ومناخها، وأسماءها، وفضائلها، وكذلك قبسات من تاريخ المدينةالمنورة منذ صدر الإسلام وحتى اليوم. وقد استعرض المؤلف بعدها عصر المدينةالمنورة الذهبي، والمتمثل في عهد صدر الإسلام وما بعده، من خلال موضوعات تناولت المدينةالمنورة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الخلافة الراشدة، وكذلك العصر الأموي، فالعهد الفاطمي، فالأيوبي، فالمملوكي، فالعثماني، إلى العهد الزاهر الميمون الذي حظيت به المدينةالمنورة في عهد الملك عبدالعزيز. ولم تتوقف موضوعات الكتاب عند هذا الأمر، بل تعدته إلى تناول تاريخ المسجد النبوي الشريف في أدبيات الرحالة، واستعرضت بعض النماذج لها كأنموذج الرحالة العبدري، لتتلوها بعض الموضوعات المتعلقة بتاريخ المسجد النبوي، ومنها القبلة ومنبر المسجد النبوي وكذلك بناء الرسول صلى الله عليه وسلم للمسجد، وزيادة عمر رضي الله عنه، وزيادة عثمان رضي الله عنه، وزيادة الوليد رضي الله عنه، وزيادة المهدي. تلا ذلك عرضًا لبعض أهم رحلات الحج العربية إلى مكةوالمدينة، ومنها: رحلة بن جبير، وابن رشيد، والتجيبي، وابن بطوطة، والبلوي، والصفدي، والقلصادي، والبكري، والقيسي، والعياشية، والهشتوكي، والناصرية، والنابلسي، والمنالي الزّبادي، والسويدي، وابن عبدالسلام، والتامراوي، وإدريس العلوي، وابن كيران، والحميدية، والتونسي، ليسلط المؤلف الضوء من خلال عرض نماذج من تلك الرحالة بتناول رحلتي بن جبير وابن بطوطة كنموذجين. وفي أدبيات الرحالة الغربيين وكذلك دورهم في الحفاظ على تاريخ المدينةالمنورة، سلط المؤلف الضوء في هذا الجانب على الرحالة لودفيكو دي فارثيما، وكذلك الرحالة جوزيف بتس وجون لويس بيركهارت، وعنه قال المؤرخ الكبير حمد الجاسر يرحمه الله: «إنه على جانب عظيم من الشهرة في عالم الرحالين»، ووصف رحلته الدكتور محمد بن حسن الشريف بقوله: «إن رحلاته مملوءة بالمعلومات التفصيلية». وفي ذلك يروي المؤلف حول وصول بيركهارت إلى المدينةالمنورة بالقول: «يقول بيكهارت عن رحلته إلى المدينةالمنورة بعد أن دخلها في الثامن والعشرين من يناير عام 1815م وبعد ثلاثة عشر يومًا من مغادرته مكةالمكرمة توقفت القافلة في فناء واسع في الضاحية حيث تم إيداع الحمولة وتفرّق المسافرون مباشرة بحثًا عن المساكن وبمساعدة أحمد المزورين الأولاد -وهي فئة محترفة في خدمة الحجاج مثل المطوفين في مكة- حصلت بعد عناء على شقة جيدة في شارع السوق الرئيسي في المدينة». ويكمل: «وبعد زيارة المسجد والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبحت حرًا للعودة إلى المنزل والالتفات لشؤون البيت وقد ساعدني المزوّر في شراء كل المؤن الضرورية التي لم نكن نحصل عليها من غير صعوبة، إذ أن طوسون باشا حاكم المدينة قد أرعب القوافل وسائقي الجمال الذين كانوا يأتون بالمؤن إلى هنا وحملهم على الفرار بسبب تدابيره المتهورة، غير أن الطحين والزبدة وهما السلعتان الأساسيتان في المطبخ الشرقي كان يجب الحصول عليهما قبل مغيب الشمس فهما لا توجدان في السوق العامة «. ويضيف: «مرت ثلاثة أيام قبل أن أتمكن من الحصول على فحم إذ تزداد الحاجة إليه في هذا الفصل البارد من السنة، وسمعت أن يحي أفندي -طبيب طوسون باشا- وهو نفسه الذي قام في تموز/ يوليو السابق بأخذ خطاب الائتمان خاصتي إلى جدة إنه موجود في المدينة هنا فقمت بزيارته في اليوم التالي وأطلعته على رسالة تسلمتها من مكة قبل مغادرتي لها». ليستعرض المؤلف ما ذكره بيركهارت حول وصف المدينةالمنورة، إذ وصفها بقوله: «شُيّدت المدينة على الجزء الجنوبي من سهل تشكّل من عدة جبال متجاورة كجبل أحد، حيث إنها تتلقى السيول من الجبال الغربية والجداول من الجنوب والجنوب الشرقي، مما يحدث في الفصل الممطر بركًا عديدة من المياة الراكدة والتي تترك لتتبخر تدريجيًا كما أن الحدائق والأشجار والجدران التي تكثر في السهل تقطع مجرى الهواء الحار وتحيط هذه الحدائق ومزارع النخيل المرصعة بالحقول المدينة من جهات ثلاث تاركة فقط جزءًا من السهل مكشوفًا للعيان باتجاه الطرق المؤدية إلى مكة حيث تجعل طبيعة الأرض الصخرية من الزراعة أمرًا مستحيلا، إن المدينة مقسّمة إلى وسط المدينة والضواحي للداخل شكل بيضاوي يبلغ محيطه نحو ألفين وثمانمائة خطوة تنتهي في نقطة معينة وقد شيدت قلعة عن تلك النقطة على مرتفع صخري صغير ويحيط بها جدار حجري سميك».. إلخ ما ذهب إليه الرحالة في وصفه. لم يقف المؤلف عند ذلك الرحالة، بل تجاوزه إلى عرض أسماء لرحالة آخرين مثل: جورج فوستر سادلير، وليون روش، وريتشارد بيرتون، و الدكتور سنوك هور خورنيه، وعبدالعزيز دولتشين، والحاج عبدالله ويليامسون، والكونتيسة الألمانية مالميجناتي، ومحمد أسد، و إلدون رتر، وهاري سانت، وجون بريدجر فيلبي، والنبيلة الأسكتلندية المسلمة إيفلين زينب كوبولد، وسعيدة سونيا ميلر خليفة. ليختتم الكتاب عرضه ببعض أبيات الشعر التي قيلت في المدينةالمنورة. تمت فهرسة الكتاب وفقا للعديد من الفهارس، ومنها فهرس الموضوعات، وفهرس الأعلام، وفهرس الأماكن، وفهرس الصور والوثائق والخرائط.