تعاني المملكة من شحّ المياه بسبب قلة الأمطار، وعدم وجود أنهار أو أودية تجري بشكل مستمر، وتفاوت كمية الأمطار السنوية من عام إلى آخر؛ مما يتطلب من الأجهزة المعنية وضع خطط وإستراتيجيات مناسبة للإفادة القصوى من مياه الأمطار في رفع منسوب المياه الجوفية، وبالنظر تحديداً إلى منطقة "عسير" فإننا نجد أنها تلقت في فصل الربيع من هذا العام كميات ممتازة من الأمطار، لكن الطبيعة الجبلية لها وعدم الاعتناء بالمزارع حدّ من الإفادة القصوى من مياه الأمطار، حيث تنحدر مياه الأمطار من المزارع في المدرجات سريعاً باتجاه الأودية، دون أن تبقى كميات في هذه المزارع لتتسرب إلى باطن الأرض، وترفع معها منسوب المياه الجوفية. وللإفادة المثلى من مياه الأمطار يمكن للمواطنين العودة لطريقة الآباء والأجداد في ذلك، وهذه الطريقة تتلخص في إهتمام المزارع قديماً بمزرعته ووضع "عقوم" ترابية صغيرة حول حواف مزرعته؛ كي تحتفظ بكميات مناسبة من مياه الأمطار عند هطولها، فالمزارع قديماً يضع في كل موسم ال"عقوم" وإصلاح ما تهدّم من أطراف مزرعته، وبالتالي تحتفظ المزرعة بالمياه وتتسرب كميات كبيرة من المياه إلى باطن الأرض، فيرفع منسوب المياه الجوفية ويزيد مستوى الماء في الآبار بفعل هذه الأمطار، أمّا وضع المزارع حالياً في كثير من قرى منطقة "عسير" حيث لا يوجد حولها "عقوم"، ومدرجات كثير منها مهدمة؛ بسبب هجران أصحابها والانتقال إلى مدن أخرى أو انقطاع المياه وجفاف الآبار. وبيّن "عبدالرحمن بن عبدالله الشهري" أنّه سبق وأن طرح فكرة يرغب تقديمها إلى فرع وزارة الزراعة بالمنطقة، تتلخص في عمل "عقوم" اسمنتية بالأودية تكون بارتفاعات مناسبة حسب المكان، وعلى مسافات متفاوتة ومتقاربة، مضيفاً: "على سبيل المثال يكون هناك عقوم على الوادي المار بقرية آل مجادب وبني لام وغالبة حتى قرية آل حيي، بحيث يكون هناك عقم مقابل قرية آل مجادب، وعقم مقابل المركز الحضاري، وعقم مقابل الاستراحة، وثلاثة عقوم في المنطقة المقابلة لقرية آل جبران وهكذا، ويتراوح ارتفاع العقم بين متر إلى متر ونصف حتى لا يكون هناك خطر منه". وقال "سليمان آل عايض": "أنا أضم صوتي إلى صوت كل من ينادي بالاهتمام والإفادة من مياه الأمطار ونأمل من فرع وزاره المياه أن يتفاعل مع هذه الاقتراحات وأن يساعد الأهالي في ذلك، وكذلك عمل ما يلزم في الأودية لحفظ مياه الأمطار أكبر مدة ممكنه للإفادة منها بطريقه صحيحة، حيث أنّ الاهتمام بالمزارع لا تقتصر فائدته على زيادة المخزون المائي فحسب، بل إنّ إهمال المزارع يؤدي إلى تجريف التربة وتقليص مساحة المزرعة، كما يؤدي إلى إنسداد مجاري السيول، وبالتالي انحراف السيل عن مجراه الطبيعي؛ مما يؤدي إلى إتلاف المزارع القريبة منه ويمكن أن يؤدي إلى جرف البيوت نتيجة عدول السيل عن مجراه الطبيعي".