لا اعتقد أن في الحياة زراعة أروع من زراعتك لبذرة أمل داخل إنسان مريض ينتظر أن تمد يدك وتساعده في أن يحيا من جديد قال تعالى: ((وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا))، لذا تخيل أن مرضى زراعة الأعضاء عندما يمن الله عليهم بمتبرع ويشفى ويتنفس، يتنفس معه الكون بمن فيه، وعندما يتحرك تتحرك معه جميع الكائنات. والله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة لم يحدد الحياة لإنسان واحد فقط، إنما ذكر أن الحياة للناس جميعاً منذ بدء الخلق وحتى الآن، وهذا يدل على عظم العمل وجزيل الفعل ومردوده على البشرية. في الأسبوع الماضي حذرت وزارة الداخلية المواطنين المغادرين إلى باكستان بغرض زراعة الكلى من الوقوع ضحايا في أيدي سماسرة الكلى، وقالت أن 70% من الراغبين في زراعة الكلى يتعرضون للنصب والاحتيال، ودفع مبالغ باهظة لإجراء العملية ولم يتم إجراؤها, لم يأت تحذير وزارة الداخلية من فراغ، إنما بسبب تنامي تجارة هذا النوع من العمليات في بعض الدول التي لا يوجد لديها قانون يجرم هذا النوع من العمليات. بالإضافة إلى أن أغلب المتبرعين هم من الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من صعوبات معيشية تدفعهم إلى البحث عن المال بأي وسيلة، وظهور عدد من المراكز الطبية في هذه الدول روجت لزراعة الكلى وغيرها من الأعضاء. ولقد جاء تحذير وزارة الداخلية للمواطنين من باب الحفاظ على أمنهم وسلامتهم كيلا يتعرضوا إلى عصابات إجرامية تتخذ من زراعة الأعضاء منهجاً ومن النصب والاحتيال عملاً ورزقاً, واستغربت أن وزارة الصحة المعني الأول بالمرضى السعوديين لم تهتم بمساعدة المرضى في مجالات التوعية الطبية من خلال مراكز التبرع بالأعضاء المنتشرة في مستشفيات المملكة ومدهم بالمعلومات وتقدم لهم المعلومة الصحيحة عن البلدان المعتمدة في الزراعة والمراكز الطبية المأمونة في التقدم الطبي في هذا النوع من الجراحات, وأن لا تترك المواطن يهم على وجهه لا يعرف أن يتجه ولا أين يسافر بحثاً عن العافيه. عدد المرضى السعوديين على قوائم الانتظار لزراعة الكلى بلغ أكثر من 13 ألف مريض وتكلفة العلاج لكل مريض 180 ألف ريال في السنة 40% منهم جاهزون للزراعة، وتكمن المشكلة في الزيادة السنوية في أعداد المرضى الجدد الذين يبلغون 2000 مريض سنوياً, لذا نجد أن المريض يأمل أن يجد متبرعا يكفيه ألم الاحتضار وتغنيه عن قوائم الانتظار التي تضم آلافا من المرضى غيره. وقد تكون فتوى هيئة كبار العلماء التي أقرت بالإجماع جواز نقل عضو أو جزئه من إنسان حي مسلم أو ذمي وجواز نقل عضو أو جزئه من إنسان ميت إلى مسلم أسهم في التوعية الدينية لدى المتبرعين وطمأنتهم لشرعيته وجوازه. زراعة الأعضاء من أصعب أنواع الجراحات الطبية نظراً لقلة أعداد المتبرعين وتطابق أنسجتهم مع العضو المتبرع به بالإضافة إلى فصيلة الدم والعمر والوزن وهؤلاء المرضى عايشت معاناتهم عن قرب من خلال موضوع صحفي قربني إلى هذا النوع من الفئة الذين يحتاجون إلى متبرع يعيد لهم الحياة وخاصة المتوفين دماغياً الذين يمكن لأهاليهم التبرع بأعضائهم وإنقاذ مرضى آخرين ينتظرون والإبلاغ عن الرغبة في التبرع من خلال مراكز زراعة الأعضاء المنتشرة في 23 مستشفى في إنحاء المملكة، كما أن برنامج التبرع بالأعضاء قد استقطب عددا كبيرا من المشاهير الذين تبرعوا بأعضائهم بعد الوفاة أيماناً منهم أن ((وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا)).