يحلو لبعضهم تشبيه الشعراء الذين عُرفوا بعد مشاركتهم في برامج المسابقات الشعرية بالفقاعات الصابونية التي لا تكاد تنتفخ ببعض الهواء وتتم مشاهدتها بالعين المجردة حتى تنفجر انفجاراً صامتاً وتتلاشى من دون أن تترك أي أثر يذكر، وأعتقد أن هذا التشبيه قد ينطبق فقط على بعض من أولئك الشعراء خاصة الذين استطاعوا لفت أنظار الجمهور بالإثارة أو بأمور ثانوية وخارجه عن إطار القصيدة، أما غياب أسماء كثيرة شاركت في تلك المسابقات وحققت مراكز متقدمة عن أضواء الإعلام فلا يُمكن أن يكون دليلاً كافياً على سوئهم أو ضعف مقاييس تلك البرامج وفشل مخرجاتها الشعرية. فبعض الشعراء الذين لم يعرفوا على نطاق واسع إلا من خلال برامج المسابقات يكون غيابهم غياباً اختيارياً ونابعاً من رغبة داخلية بعدم التواصل مع وسائل الإعلام، وبعض منهم أيضاً يفتقد النشاط والقدرة على التواصل الجيد مع الإعلام لأسباب تتعلق به شخصياً كحال معظم الشعراء، وفي المُقابل يُثبت شعراء آخرين من شعراء المسابقات عكس ما يُقال بحرصهم على الحضور المُكثف في الأمسيات الشعرية وفي وسائل الإعلام المتعددة وبتقديمهم لإنتاج شعري جيد يساعدهم على كسب رضا المتلقين وإعجابهم، وعلى البقاء في منطقة الضوء الإعلامي. وأستغرب إصرار بعض على مسألة الربط بين حضور الشاعر إعلامياً وبين قيمة شعره حين يتعلق الأمر بمن اصطلحنا على تسميتهم بشعراء المسابقات، وكأن غياب الشاعر عن وسائل الإعلام يدل بالضرورة على فشل، وإفلاس، أو أن حضوره القوي يعد دليل تميز وتفوق على بقية الشعراء، في حين يُفسر غياب الشعراء الآخرين - بغض النظر عن قيمة إبداعهم - بأنه تقصير وتخاذل من إعلام الشعر الشعبي في التواصل معهم وإبراز أشعارهم..! من وجهات النظر التي تُطرح وأتفق معها إلى حد كبير تلك الآراء التي تُشير إلى مساهمة برامج المسابقات الشعرية مُساهمة واضحة في تعرية بعض الأسماء الشعرية المعروفة، بوضعها على محك النقد وتقويمها تقويماً جاء في أحيان كثيرة صادماً ومُخالفاً للمتوقع، فقد ساهمت برامج المسابقات في خفوت الأضواء عن شعراء معروفين بنفس الدرجة التي ساهمت فيها بتوهج شعراء مغمورين وبعيدين كل البعد عن أعين المتلقين وأضواء الإعلام. أخيراً يقول المبدع سالم حمد الملعبي: اشتقت لك ما راودك نفس الإحساس اللي على بوح المشاعر حداني؟ ألقاك بالعزله وبمقابل الناس وأحس بك بين الشعر والأغاني