قبل فترة ليست بالبعيدة كتبت موضوعاً أحذّر فيه من استراتيجيات إيران المستقبلية، وأوضّح أنه إذا كان لإسرائيل مخاطر امتداد أو سيطرة على مواقع عربية قريبة منها مع احتفاظ الفلسطينيين بتسمية المتضرر الأول، فإن دول الخليج لم تتعرض لمحاولات تدخّل إسرائيلية في شؤونها أو حدودها، وأوضحت أن إيران هي المختص العدواني الأول ضد المجموع الخليجي.. لكن ليس على الطريقة العربية برفع شعار «أمجاد يا عرب أمجاد» ثم تكون حرب الفئات.. لا.. إيران تنفّذ استراتيجيات عديدة للوصول إلى مداخل نحو الأوضاع الخليجية.. أتى رد الفعل مضحكاً من قبل بعض كتّاب معنيين يمارسون عدوك أمس هو أيضاً عدوك غداً.. هذا غير صحيح.. إن أخطر العدوان - وهو ما يتضح في سياسات الدول العظمى - تلك الأساليب الغريبة التفوق أحياناً أو الغريبة العنف نحو أهداف أخرى.. ولذا فمن المستحيل الجزم بتواصل نوعية التحالفات.. المصالح هي مَنْ يتّجه إلى تلك النوعيات؛ وإيران ليست معبداً طائفياً يتحرك بمؤثراته.. هذا هو غطاء ظاهري، أما الحقيقة فإن طهران تعاني من عقدة غياب الدولة العظمى الثانية عالمياً قبل ألف وأربع مئة عام، وكيف يمكن أن تستعاد من بدو العرب ما أصبحوا يحتسبون من أوطانهم، وبداخل هذا الاحتساب مصالح اقتصادية هي الدافع الأول في تحركات تمديد النفوذ أو كسب فرص الاستيلاء.. انظر أيضاً إلى إسرائيل.. إن الحجم الصغير مكانياً وجغرافياً الذي كانت المساحات العربية تملأ عينيه بحثاً عن سلام آمن من قبل حرب عام 67م بما احتله وسيطر عليه ومزّق به الحضور العربي أدار ظهره لمحاولات السلام وانطلق يكبر سياسياً وعسكرياً، آمن بسلام دائم فرضته قوته وهو مثل إيران يطل خلف كل نافذة تكشف طبيعة أوضاع عربية مقلقة أو تنشأ قربها منطلقات نزاعات عربية جديدة.. متى يرتفع العالم العربي بذاته حيث لن يهزم قوى المتابعة لسلبيات أوضاعه إلا عندما تجمعه بفئاته توجّهات توحّد مصالح وقيادات وعْي بدلاً من شتائم إعلام وترويج مفاهيم خاطئة متعددة المنطلقات.. ليس بين إيران وإسرائيل أيّ صفات تقارب لكن تحركّهما دوافع واستراتيجيات مصالح لغايات مخاطر في العالم العربي..