يوم الأحد الماضي انتهت اجتماعات المجلس العربي للتنمية الإعلامية في الكويت الشقيق.. وهو تنظيم يمتاز بعضوية أصحاب كفاءات عالية الخبرة والثقافة، بينهم وزراء سابقون في الخارجية والإعلام وكذا أساتذة إعلام في جامعات مرموقة ورئيسا تحرير فقط، وأيضاً أصحاب مسؤوليات مرموقة.. موضوعيون للغاية في كل ما تناوله حوار الاجتماعين في العام الماضي وتحددت إيجابية الحوار في هذا العام بتجاوز مهمات التدريب وما شاكلها من مهمات يصح أن تعتبر بدائية وغير متلائمة مع طبيعة أوضاع العالم العربي.. تجاوز ذلك إلى مهمات التوعية والتنمية لإيجاد إعلام فاعل إيجابياً دون التدخل في أي أوضاع خاصة لأي مجتمع عربي.. أعني استقلالية التعامل وتوجهات التوعية.. وقد طرح سمو الشيخ سلمان الحمود الصباح وكيل وزارة الإعلام أكثر من رؤية موضوعية تتعلق بمهمات الوعي ومهمات إنقاذ المجتمعات العربية من تسريب كثير من ممارسات الإعلام لمفاهيم خاطئة عن قصور وعي أو لغايات مقصودة التضليل.. إن الغاية الأولى مثلما أوضحها سمو الشيخ سلمان ليست الانحياز مع أي طرف، ولكن تطوير النهج الإعلامي القائم ورقياً أو إلكترونياً بتأكيد تواجد منطلقات وعي تعمل من أجل مصلحة أمة واسعة الامتداد الجغرافي والتعداد السكاني إلا أنها لم تلتق بقناعة مفاهيم تخدم غايات مجتمعاتها.. إن الوعي الإعلامي هو منطلق الوصول إلى هذه الغايات.. قبل أكثر من شهر كتبت موضوعاً قلت فيه إن ترصّد إيران العدواني لا يجعلها بعيدة عن مخاطر إسرائيل، بل نستطيع القول إنهما يلتقيان في مهمة واحدة.. إسرائيل تهدد وسط العالم العربي.. لكنها لا تتجاوز ذلك فلم يحدث أن تم عدوان أو كشف تآمر قامت به إسرائيل داخل المجموع الخليجي.. مَنْ فعل ذلك إيران، بل عملت - إلى جانب تعدّد تدخلاتها الخليجية - على وضع سياج باتجاه الغرب العربي.. وتعرف ما هي النتائج هناك.. إن تطوير الوعي الإعلامي خصوصاً وأن الإعلام بتعدد مَنْ يعملون به وتعدّد وسائل منطلقاته أصبح يمثل الانتشار الأول لنوعيات الآراء أو المشاعر أو المغالطات.. إن تطويره ضرورة وطنية عامة قبل أن يكون مهمة وطن خاصة.. من المضحك أنه عندما تم في جامعة لندن حوار ثقافي إعلامي نظمه نادي الإعلاميين السعوديين هناك تهرّب كاتب تقليدي قديم تضاءلت أهميته منذ خمسة عشر عاماً تقريباً.. فحينما تم الحوار واعترضت الزميلة «بينة الملحم» على عدم تحمل أصحاب أقلام معروفة سابقاً لما يرسم ضد العالم العربي والخليجي من تدخلات، وذكرت اسم إيران.. حدث أن قام هذا الكاتب القديم جداً برفض هذه الرؤية وتأكيد أن العداوة ضد العرب تختص بها إسرائيل.. مدى الإعلام العربي الواسع يحتاج إلى مهمات تنظيف قوية فإذا كان أن إعلام التطبيل والتهويل قد غرّر بنا في عصر ميلاد الجمهوريات واتخذت بعض مصادره وسائل حكم فإن واقعنا المعاصر يحتّم علينا رفض ذلك الهبوط وسيطرة المصالح الشخصية على المصلحة العامة..