أصدرت الكبيرة وردة هذا العام أغنية "زمن ما هو زماني" (طارش بن قطن- النديم) بمشاركة عبادي الجوهر، وهي بهذه الأغنية الجديدة المتميزة بحواريتها وموضوعها المتخذين من الشخصيتين واقعيتهما العمرية والقيمية. تعتمد الأغنية على قيمة الوفاء العابرة للزمان والمكان فإذا كانت الحوارية شعرياً تنوع على الشكوى والألم والإدانة غير أنها توالف البساطة والمباشرة اللحنية والإيقاعية. ولعل هذا العمل الذي تشترك فيه وردة مع صناع أغنية خليجية من السعودية (المؤدي والملحن) وعُمان (الشاعر) يعيد إلى الذاكرة علاقة وردة مع الأغنية الخليجية المنبثقة في صورتها الأجلى منذ سبعينيات القرن العشرين سواء التجربة الكويتية أو السعودية من حيث تصفية اللغة الشعرية والمحتوى اللحني وتمدين الإيقاع. تعود علاقة وردة بالأغنية الخليجية بعد عودتها إلى الغناء عام 1972 من بعد أن انطلقت صغيرة عام 1951 في باريس وانتقالها إلى دمشق وبيروت وعملها مع ملحنين منهما مثل محمد محسن وعفيف رضوان وفيلمون وهبي حتى انتقالها إلى القاهرة لتثبت أقدامها بين عامي 1959-1962 بأغنيات سياسية تدعم تحرر الجزائر وضعها الشاعر الجزائري صالح الخرفي ولحنها رياض السنباطي وعبدالعظيم محمد بالإضافة إلى تعاونها المبكر في أعمال قومية لمحمد عبدالوهاب مثل أوبريت "وطني الأكبر" ونشيد "الجيل الصاعد"(1960) وفيلمين تاريخيين شهيرين"ألمظ وعبده الحمولي" والثاني"أميرة العرب" برزت فيهما ألحان فريد الأطرش وبليغ حمدي وكمال الطويل ومحمد الموجي ومجموعة من الأغاني الإذاعية وضعها محمد القصبجي ورياض السنباطي، فهي بعد أن استأنفت العودة مع ألحان السنباطي وحمدي وسيد مكاوي والموجي والطويل عرض عليها الملحن الكويتي عبد الرحمن البعيجان الغناء من ألحانه فكان الاقتراح أن تكتب أغنية باللهجة المصرية وأنجزها الشاعر الغنائي خليفة العبدالله سجلتها في زيارتها الأولى للكويت عام 1975 بعنوان" يا ترى نرجع حبايب؟". ويبدو أن وردة راقبت ملياً تجربة غناء جيلين الأول سبقها مثل نجاح سلام وسعاد محمد ووديع الصافي وحورية سامي وبديعة صادق بالإضافة إلى جيلها مثل عبد الحليم حافظ وفائزة أحمد ونجاة الصغيرة وعلية التونسية وغيثة بن عبد السلام. ففي حين كانت الأغنيات التي قدمت لهم مستلهمة بين التراث الكويتي والسعودي لكل من الملحنين سعود الراشد وطارق عبدالحكيم وعبدالحميد السيد وأحمد الزنجباري ومروزق المرزوق وسواهم، وبين البناء على مدرسة الغناء التقليدي في القاهرة ( نموذج زكريا أحمد ورياض السنباطي) عند حمد الرقيب وأحمد باقر ويوسف دوخي. فقد قدمت من التراث نماذج من فن الصوت من قبل الملحن عبدالحميد السيد "يا هلي"(1965) لعبدالحليم حافظ وأحمد الزنجباري" سلوا الكاعب الحسناء" لبديعة صادق، وسعود الراشد "والله ما دريت" لحورية سامي، فإنه قدمت نماذج من السامري من الملحن سعود الراشد "مدري علامك"(1967) لفائزة أحمد، وقدم عبدالعزيز البصري " يا أهل الحي" لنجاة الصغيرة، وغنت نجاة أيضاً لحمد الرجيب "يا ساحل الفنطاس" بعد غريد الشاطئ، وللبصري "يا بوفهد" أعادت غناءها حورية سامي بعد عوض دوخي، وغنت سامي أيضاً من ألحان عثمان السيد سامرية" يا طير"، ويوسف المهنا "يا نديمي" لعلية. بالإضافة إلى أغنيات راقصة تعتمد إيقاعات موروثة قدمها طارق عبد الحكيم في أغنيات لنجاح سلام وسميرة توفيق، ومرزوق المرزوق لعلية. وأما النماذج المستلهمة للغناء التقليدي المصري فظهرت مع حمد الرقيب في "إداري والهوى نمام"(1958) لنجاح سلام، وأحمد باقر في "شكوى العتاب"(1969) لعلية، وتماثلها أعمال من حمد الرجيب وعبد الرحمن البعيجان ويوسف المهنا لشادي الخليج وغريد الشاطئ ويحيى أحمد وعبدالكريم عبد القادر . ولكن ماذا فعلت وردة ؟ سنرى.