في الحجاز لا يقولون للعملة المعدنية " فكّه"، يقولون "تفاريق". وفي العراق يقولون "خرده". ما ينطوي على تناقض أنهم كانوا في الماضي - وربما حتى الآن - يقولون عن من يملك المال "مْقَرْقش"، والكلمة لا تدل إلا على صوت العملة المعدنية..! مطالعة إلى ما قيل إنه خصوصية المجتمع السعودي أجد أن مسألة العملة المعدنية والتعامل بها بدأت تغلب على سلوكنا التسوّقي. فالمجتمع أصبح يقبل السلة كبديل لما تبقى من حقه لدى البائع. وهذا مخالفة للعرف السائد في بلدان أخرى. فالعلكة (اللبان) والمناديل ومصاصات الحلوى صارت جزءا من بضاعة المتجر ليضعها عند مأمور البيع (الكاشير) ليعوضك بها عما تبقى من حقك لديه من وحدات نقدية معدنية. عمدت بعض الأسواق الكبرى إلى الطلب من الزبون التبرّع بما تبقى، وهذا أيضا مُخالف لما درجت عليه مفاهيم البيع والشراء. وقد يُحرج البائع العميل بوصفه بالبخل لو أصر على وجوب الحصول على حقه, أخذ عدد من المواطنين نساء ورجالا على أنفسهم القيام بإحصائيات دقيقة ومُقنعة تحدّثت عن مجموع الأموال التي يتركها المشتري، وكذا عن عدد السلع التي يجري فرضها على الزبون. في بعض من الصيدليات يضعون بديل الفكة في الكيس، دون التكلف حتى بالاستئذان، معتمدين على كون المشتري في عجلة من أمره ولا يريد أن يقضي وقتا. إحدى تلك النسوة ذهبت إلى مؤسسة النقد، ووزارة التجارة وأطلعتهم على ما لديها من قول وعمل، ورأوا رأيها بأن يُصار إلى إصدار نظام يمنع الممارسة، وقالت مؤسسة النقد إنهم يوفّرون العملة المعدنية، لكن العميل لا يطلبها، لكون التاجر يعلم ضعف المستهلك وعجلته من أمره. والكثير سمع عن تقرير جاء من مصنع علكة أشار إلى أن استبدال العملة المعدنية بالعلكة، رفع العوائد السنوية 94 مليون ريال. وعلى افتراض دقة ذاك القول فإن مجتمع البائعين يحتاجون إلى نوع من الأدب أو درس في حسن التعامل. وهذا سيكون بإصدار نظام بلدي أو تجاري يجعل فرض بديل العملة جنحة أو مخالفة كبيرة يدفع ثمنه صاحب المتجر. وسوف أرى من يأتي ليقول عبر "الرياض الإلكتروني" أن أكثر أفراد المجتمع يتسوّق ببطاقة الصراف، ولا لزوم لقوانين وتنظيمات عن مشاكل محلولة أصلا فأقول: لا بأس، لكن لو فرض البائعون رغبتهم فلننتظر غيرها من الرغبات. وربما انفتحت أمامهم أبواب جديدة - مع قلة المراقبة - إلى فرض سلعة مع سلعة أخرى.