فوجئ "صالح" مجددا عند وقوفه للمحاسبة في أحد الأسواق الكبرى بالبائع يقدم له "باقي المبلغ"، ويخيره بين الحصول على نصف الريال المتبقي أما "علكا" أو" منديلا"، ولكن صالح استشاط غضبا واصر على الحصول على نصف الريال نقدا، والسبب تراكم كميات من العلك والمناديل في منزله.. وهذا ما يواجهه كثير من المستهلكين عندما يقفون أمام "كونتر" البائع منتظرين ما تبقى لهم من نقود بعد رحلة تسوق طويلة ومتشعبة.. فأثناء عملية المحاسبة، وعند حصول الزبون على الباقي، يتفاجأ بالعامل يخيره باستلام المتبقي من أنصاف الريالات "علكا" أو "مناديل". "نصف الريال" .. هو أحد سلسلة العملات السعودية المعدنية التي كان أشهرها في العقدين الأخيرين "القرش" و"الربع"، وبوقت ماض كان الريال السعودي هو سيدها. جميع تلك العملات المعدنية اندثرت، في حين ظل "نصف الريال" متواجداً وبقوة في سوق المنتجات الشرائية، إلا أن أدراج المحلات التجارية تفتقده، وتعوضه ب "علك" و "مناديل". "الوطن" بدورها التقت بعدد من المتسوقين للتعرف على آرائهم حول هذا الموضوع. يقول عبدالله الهزاني "يجد الزبائن حرجا من طلب نصف الريال كمبلغ متبق، فيما يستغل بعض الباعة هذه النقطة بتخيير الزبائن بين العلك والمناديل لتصريف بضاعتهم رغما عن الزبون، والسبب التقليدي الذي يردد دائما "عدم وجود صرف"، في حين يؤكد المستهلك سعد البدراني أنه يحرص على أخذ نصف الريال بعد حصوله على حاجياته الخاصة من السوبر ماركت بعد مجادلة كلامية مع البائع، الذي يتحجج بعدم وجود نصف الريال لديه. يقول البدراني "إصرار البائع على تقديم العلك والمناديل بدلا من نصف الريال استغلال للمشتري، ومحاوله لإجباره على شراء ما لا يلزمه، فمعظم التسعيرات للمواد الغذائية والمنظفات تلزم المشتري بسداد نصف الريال، وبالتالي المحل ملزم بصرف الباقي بالمثل". أما مروى ياسين فترفض استلام نصف الريال لما فيه من خطورة على أطفالها على حد قولها، وتقول "في حال عدم وجود البضاعة البديلة لنصف الريال أقوم بإعطائه البائع وأخذ أي شيء مقابله، خوفا من أن يجده أحد أطفالي داخل الشنطة ويقوم بوضعه في فمه، أو ابتلاعه، لا سمح الله"، وطالبت بتحويل العملة المعدنية إلى ورقية لما في ذلك من مردود اقتصادي جيد على المستهلك. ويقول عبدالله الشمراني إنه يحتفظ بعملة معدنية واحدة، وذلك بغرض كشط البطاقات المسبقة الدفع، موضحا أن نصف الريال يشكل مصدر إزعاج له داخل جيبه، ويطالب باستبداله بعملة ورقية. ويضرب الطفل أحمد الحربي أروع الأمثلة بالادخار، ويقول "عند شرائي المشروبات الغازية من السوبر ماركت المجاور لمنزلنا يجبرني البائع على شراء الحلوى أو البسكويت بقيمة المتبقي من المال بحجة عدم وجود نصف الريال لديه، ومع تكرار الموقع وزيادة أنصاف الريالات وجدت حلا وهو الإبقاء على نصف الريال عند البائع للاستفادة منه في المرة المقبلة، وشراء ما يلزمني". مجموعة من العمالة الوافدة التي تعمل في مراكز تجارية بالمدينة المنورة أكدت أنهم يتعرضون لمواقف محرجة من قبل بعض الزبائن عند الإلحاح عليهم بالحصول على نصف الريال، مؤكدين أنهم يضطرون لتقديم العلك والمناديل بدلا منه، بسبب عدم وجود تلك العملة في حساباتهم، وأنهم يعانون من نقص هذه العملة المعدنية. ومن جانبه أوضح الأستاذ بقسم التسويق بجامعة الطائف الدكتور مصطفى حمدي أن "دفع بعض أصحاب المحلات للمتبقي في هيئة علك ومناديل طريقة تسويقية جيدة وتدر الكثير من الأرباح على أصحابها"، ولكنه شدد بالوقت نفسه على أن هذا السلوك غير محبب، لما ينطوي عليه من استغلال وإجبار للطرف الآخر على شراء سلعة لا يريدها، منوها بأنه عند تسوقه بالمراكز التجارية خارج المملكة يحصل على كافة ماله المتبقي دون حدوث أية مناقشات بينه وبين البائع، فيما أكد المشرف العام على الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة مسعود بن بشير المحمدي أن "من شروط البيع التراضي، وصاحب المتجر بتقديمه علكا أو مناديل مقابل الباقي باع الشخص ما لا يريده ولا يرضى به، لذلك فإن هذا البيع لم يقبله المشتري، ويكون بيعا باطلا، ولا يصح".