أعظم مزايا برنامج «حافز» أنه جعل قضية البطالة مسألة مكلفة جداً لا تقبل التراخي أو التسويف، ولا تتم معالجتها بمجرد تصريحات وعبارات رنانة. فقد استطاع البرنامج أن يضع بعض المسؤولين في القطاعين العام والخاص في خندق واحد مع الباحثين عن عمل. وتشير أحدث البيانات المتوفرة أن عدد المستفيدين من برنامج حافز وصل إلى 1.1 مليون مستفيد صرف لهم 2.2 مليار ريال في شهر ربيع الآخر، وأن عدد الذين تم التأكد من أهليتهم للبرنامج بلغ 1.7 مليون مستفيد سيصرف لهم 2.2 مليار شهرياً، أي 26,4 مليار ريال (خلال سنة) تمثل حوالي 15.7% من إجمالي ما تم تخصيصه لتنمية الموارد البشرية في ميزانية العام المالي 2012م. وتتجاوز تكاليف برنامج «حافز» المتوقعة خلال العام الأول مخصصات 32 جامعة وهيئة ومؤسسة عامة تم اعتماد ميزانياتها في العام المالي 2011م (الجدول أدناه). كما أن تكاليف البرنامج تفوق إجمالي ما تم صرفه على برامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال عام 2010م البالغة حوالي 18,8 مليار ريال. بل تتجاوز ضعف مخصصات الضمان الاجتماعي البالغة 13,0 مليار ريال في عام 2009م (حسب أحدث بيانات منشورة) بالرغم من أن معظم مخصصات الضمان الاجتماعي يتم تحصيلها عن طريق الزكاة. لذا فإن مساهمة الحكومة في برنامج الضمان الاجتماعي أقل بحوالي 20 مليار ريال من مساهمتها في برنامج «حافز». برنامج «حافز» يمتد إلى اثنى عشر شهراً هجرياً، وهو ما يعني أن عملية صرف الإعانة لمعظم المستفيدين الحاليين من البرنامج ستتوقف خلال الربع الأول من عام 1434ه، لكننا ندرك سلفاً أن الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني لن تتمكن خلال هذه المدة من خلق فرص وظيفية لأكثر من مليون عاطل. ومن هنا تأتي أهمية دراسة كافة الخيارات المتاحة واتخاذ إجراءات احترازية لتخفيف حدة البطالة لاسيما أن برنامج حافز رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بطريقة غير مباشرة. وبرنامج «حافز» لا يعالج البطالة وإنما هو حل مؤقت يساعد الباحثين عن عمل في تحمل تكاليف المعيشة لحين الحصول على وظيفة. إلا أن تكاليفه المرتفعة ستدفع كافة الأطراف على تحسين بيئة سوق العمل وإعادة هيكلتها لتكون في صالح العمالة الوطنية. فالمملكة لديها هامش ضخم من الفرص الوظيفية التي تستقطب الملايين من العمالة الأجنبية خصوصاً في قطاع الخدمات وتجارة التجزئة، والصناعات البتروكيماوية القادرة على استيعاب كافة المواطنين الراغبين في العمل في مجالات الهندسة الكيميائية. [email protected] *مستشار اقتصادي