أثار برنامج "حافز" تساؤلات قوية بشأن الحد الأدنى للكفاف الذي يتعين صرفة لمستحقي الضمان الاجتماعي، وتعريف الطبقة المستحقة لمخصصات الضمان الاجتماعي، والبيئة التشريعية التي تحفظ حقوق هذه الطبقة وتمنع ضعاف النفوس من أكل أموال الفقراء بالباطل. ووفقاً لأحدث بيانات متوفرة، بلغ إجمالي ما تم صرفه على برامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال عام 2010م حوالي 18,8 مليار ريال (لم يتم نشر أي بيانات تفصيلية حتى الآن)، لكن بيانات عام 2009م أظهرت أن إجمالي الإعانات التي صرفتها وكالة الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية بلغ 13 مليار ريال (معظمها من الزكاة) واستفاد منها 888,8 ألف أسرة، أي أن متوسط الصرف على الأسرة المستفيدة من الضمان الاجتماعي يبلغ 1223 ريال شهرياً. وبما أن نظام الضمان الاجتماعي يمنح المستفيدة منه مبلغ 862 ريالا والمرافقين مبلغ 284 ريالا شهرياً، فإن متوسط حجم الأسرة المستفيدة من الضمان الاجتماعي هو 2,27 فرد، وبذا يكون إجمالي عدد الأفراد المستفيدين من الضمان الاجتماعي 2,01 مليون فرد يمثلون 10,9% من إجمالي عدد السكان. وفيما لو قررت الحكومة – في المرحلة الحالية – رفع المخصصات الشهرية للضمان الاجتماعي بواقع 1500 ريال للمستفيد و300 للمرافقين، فإن ذلك سيكلفها 7 مليارات ريال سنوياً، أي 0.6% من إجمالي الإيرادات العامة يتم توجيهها بشكل مباشر إلى 10,9% من عدد السكان. وبعبارة أخرى تمثل تكلفة رفع مخصصات الضمان الاجتماعي 2,29% من فائض ميزانية العام المالي 2011م، أي أقل من مقدار الزكاة الشرعية (2,5%). وفي مرحلة متقدمة، يتعين تطوير الأنظمة الإحصائية لوضع معايير حد الكفاف وتعريف الطبقة المستفيدة من الضمان الاجتماعي وتقسيمها إلى ثلاث فئات على الأقل، بحيث يتم زيادة المخصصات الشهرية للعائلات الأكثر فقراً. ولابد أن يواكب ذلك تطوير البيئة التشريعية لحفظ حقوق الطبقة الفقيرة وضمان عدم الصرف على غير المستحقين. والتشريعات القائمة لا تفي بالغرض، فقد اكتفت المادة التاسعة عشرة من نظام الضمان الاجتماعي الصادر في 7/7/1427ه بمطالبة المستفيدين الحاصلين على استحقاق الضمان الاجتماعي بصفة غير شرعية باسترداد ما تم صرفه عليهم. وهذا غير كافٍ لردع ضعاف النفوس من التطفل على حقوق الطبقة الفقيرة، لذا ينبغي إضافة نص للنظام يتضمن إيقاع عقوبة السجن والغرامة لكل من يثبت عليه حصوله على مستحقات الضمان الاجتماعي بصفة غير مشروعة ولكل من شارك معه في تقديم بيانات أو معلومات مضللة. وتطوير البنية التشريعية لها أهمية بالغة لاسيما في حالة إعطاء الطبقة الفقيرة الأولوية عند التقديم لقروض صندوق التنمية العقارية والبنك السعودي للتسليف والادخار، وكذلك بدء توزيع 500 ألف وحدة سكنية أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله -. يجب علينا استشعار المسؤولية أمام الله عز وجل، فمن المخجل أن نرى عائلات فقيرة تقدم العون لعائلات أكثر فقراً في بلد غني بكل المقاييس يطبق الشريعة الإسلامية ويتشرف باحتضان أقدس بقعتين. وكلنا سيُسأل عن حقوق الفقراء في بلد أفاء الله عليه من واسع فضله ونعمه وأسبغ عليها الأمان والاستقرار وشرّفه بخدمة ضيوف الرحمن. إننا بحاجة إلى تطوير البيئة التشريعية والإحصائية لتوجيه مخصصات الضمان الاجتماعي للطبقة المستحقة، وزيادة هذه المخصصات إلى المستوى الذي يضمن توفير حد أدنى للمعيشة الكريمة في بلاد الحرمين الشريفين. *مستشار اقتصادي