انتهى معرض الرياض الدولي للكتاب وقد تزودنا منه جميعاً، ومنّا من أروى ظمأه ومنّا من لم يروه بعد، وربما احتاج بعضنا إلى زيارة معرض البحرين أو أبوظبي القريبة ليبجر حقيبته مما لم يجده في الرياض وسنعرض هنا لمحات قصيرة متفرقة من معرض الرياض 2012م: رغم غلاء أسعار الكتب في معرض الرياض والتي بررها بعض الناشرين بارتفاع إيجار المساحات من 400 ريال للمتر الواحد في العام الماضي إلى 750 للمتر الواحد في هذا العام فلم يكن للقارئ المضطر حيلة إلا الشراء وتحمل هذا الفرق من جيبه!! ولكن في نفس الوقت لن ننكر الجانب المشرق في الموضوع فجناح وزارة الثقافة يوزع إصدارات الوزارة من الكتب القيمة مجاناً، ودارة الملك عبدالعزيز كعادتها في كل المعارض تقدم خصماً مقداره 50% على جميع كتبها التاريخية الهامة في تاريخ المملكة العربية السعودية، وكذلك الأندية الأدبية تعرض كتبها الثقافية الجميلة بأسعار منخفضة جداً فلهؤلاء جميعاً نقدم الشكر والامتنان على هذا الوعي المعرفي الذي يهدف إلى نشر الثقافة ودعم القراءة الجادة. لقد أبت الثقافة السعودية في هذا المعرض إلا تدق في جسدها الغض إسفين الفراغ بأربعة كتب يزعم صاحبها أنها تأتي ضمن تداعيات الفكر الفلسفي الراقي الذي لا تدركه عقول المعارضين لفكرته التعيسة التي يزعم زعماً باطلاً بأنه أول من طبقها في العالم العربي! ورغم نقاشي مع عدد من المثقفين والإعلاميين بل والمسئولين حول هذه الكتب الفارغة واتفاقهم على أنها حماقة ثقافية وعبث فكري إلا أنها ظلت تباع في المعرض إلى نهايته، وتلك لعمري وشم لن تنفك منه ثقافتنا على مدى التاريخ يتحمل وزره المسؤولون عن الثقافة في بلادنا، والسؤال الذي يفرض نفسه؛ ماذا لو كان صاحب هذه الكتب الفارغة شخصاً آخر ؟!هل تتوقعون أن يكون مصيره مصير الروائي الذي سبق في هذه الفكرة وكتب في آخر صفحة:(ما أريد أن أكتبه تعرفونه جيداً) كما ذكر الدكتور حسين المناصرة في العدد 1058من رسالة جامعة الملك سعود! لا أجد حرجاً في القول بأن دواوين الشعر الشعبي ليس لها أي حضور في هذا المعرض عدا ما تعرضه (ذات السلاسل) الكويتية من دواوين قديمة للنصافي والبذالي وما شابهها؛ فلا أدري هل فكرة إصدار دواوين الشعر الشعبي المطبوعة في طور الاحتضار بسبب بروز فكرة الدواوين الصوتية التي تدعمها القنوات الفضائية الشعبية بقوة وتكرسها الثقافة التلفزيونية؟! في حين أننا نجد دواوين شعرائنا الشعبيين تصدر مطبوعة ومدعومة في الدول الخليجية المجاورة بل وتعرض بطريقة جذابة في معارض الكتب هناك؟! أما حكاية التوقيع في معرض الرياض فهي حكاية لا تنتهي ورغم أن التوقيع على الكتب عرف ثقافي سائد في كل المعارض إلا أن منصات معرض الرياض ربما تكون المنصات الوحيدة في العالم التي اعتلاها شخص ما ليوقع على كتاب ليس من تأليفه!! وقد بلغ عدد الموقعين في هذا العام حوالي 160 وبعض الكتب التي يوقع عليها ليست جديدة!! وبعض الكتب سبق لمؤلفيها التوقيع عليها في معرض بيروت أو الدوحة أو الشارقة عند بداية نشرها ولا أرى مبرراً لتكرار التوقيع عليها في كل معرض إلا من باب الترويج والتكسب الممجوج!! الأمر الذي شاهدته بأم عيني أن بعض الموقعين يبحث عمّن يوقع له فلا يجد!! ولأن المستفيد من هذا التوقيع في أغلب الأحوال هو الناشر فاقترح أن تشترط إدارة المعرض على الأقل توزيع 100 نسخة من الكتاب بشكل مجاني وبهذا نضع لهذا العرف الاستجدائي نوع من القيمة الثقافية العالية التي تساهم في نشر الكتاب ذلك الرمز الأبدي للفكر والمعرفة ونحقق رغبة بعض القراء أيضاً في الحصول على توقيع المؤلف بإهداء حقيقي يحتفظ به كتذكار مميز في مكتبته.