تعد الضواحي وهي التي تبعد مابين 30 الى 150 كلم عن المدن الرئيسية الحل المثالي لأزمة السكن لكثير من مدن العالم المتطورة حيث إنها تخدم قاطنيها وتخفض التضخم السكني الذي تواجهه المدن الكبرى بسبب النمو الطبيعي للسكان والهجرة من القرى والمدن الصغيرة المحيطة بها لتمتعها بفرص الدراسة والعمل ولتوفر مجموعة من العوامل والمميزات الجاذبة لراغبي العيش الرغيد داخلها ، ولكن إن لتلك المدن الجاذبة طاقة استيعابية لتعداد معين من السكان ليحصلواعلى أقل مستوى من الخدمات الأساسية لقاطنيها وإلا ستواجه تلك المدن مجموعة من الصعوبات الخطيرة وقد تصل إلى الكارثية التي يصعب حلها مستقبلا ومن اهمها: - صعوبة توفير الخدمات الأساسية ك الكهرباء والماء وخدمات النظافة وغيرها من الخدمات - الازدحام الشديد في الشوارع والطرقات والمرافق العامة لتلك المدن طوال اليوم وطوال ايام الاسبوع. - صعوبة ضبط تحركات السكان من وإلى المدينة في المواسم وفي حالات الطوارئ. - ازدياد التلوث العام بسبب صعوبة التحكم بالنفايات الناتجة عن تلك الكثافة السكانية في بقعة واحدة. - تضاعف قيمة الأراضي المعدة للسكن بسبب محدودية حجم أحياء المدينة وبالتالي يصبح توفير السكن لمحدودي الدخل من المستحيلات فيها. وهناك العديد من السلبيات الأخرى التي ستواجه القائمين على شؤون المدينة والمقيمين فيها وهذا الأمر الذي جعل كبرى مدن العالم تقوم بتفعيل دور الضواحي تجنبا لتلك السلبيات الأمر الذي يوفر مسكن لجميع شرائح المجتمع كما يخفف الإزدحام والتلوث ويضمن سهولة العيش ويوفر خيارات اكثر لنوع ومستوى السكن لراغبي والعمل او الدراسة في تلك المدن. ان مهمة تفعيل عمل تلك الضواحي عزيزي القارئ لا تقع على عاتق الدولة فحسب فيجب أن تضافر جهودها مع تعاون القطاع الخاص الذي يقوم بدوره في خلق استثمارات تنموية اقتصادية في تلك الضواحي وتغيير ثقافة المستهلك والمجتمع لتقبل العيش فيها أمر يقع على عاتق المواطنين وذلك لنجاحها وتفعيلها لتنميتها مجتمعيا وتخفيف الازدحام وتوفير مناطق جديدة للسكن والعمل لهم بمستوى مقبول مما سيكون له دور إيجابي في ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة وتوزيع الأحمال على عدد اكبر من المساحة الجغرافية للدولة وتخفيض التضخم الذي تعانيه أسعار العقارات في المدن الرئيسية وتوفير مساكن لمحدودي الدخل وراغبي السكن في مناطق بعيد عن صخب المدينة تصلها جميع الخدمات الاساسية الهامة دون نقص. وأود ان اختم بنموذج ناجح لتنمية الضواحي قامت بها ماليزيا حيث قامت بنقل جميع الدوائر الحكومية من العاصمة كوالالمبور الى ضاحية بتروجايه التي تبعد 100 كلم عن العاصمة مما جعل الضاحية مكان جاذب للسكن والعمل وتتوفر فيها وحدات سكنية اقل كلفة من العاصمة وتتوفر بها معظم الخدمات الأساسية الهامة ، فكم نتمنى ان نشهد تفعيلا لدور الضواحي عبر تطوير المدن الصغيرة والقرى المجاورة لمدننا الكبيرة تتوفر فيها معظم الخدمات الاساسية والعمل والتعليم والرعاية الصحية لحل أزمة نقص الإسكان الاقتصادي لشريحة محدودي الدخل.