حين يطالب الزميل والممثل السعودي حسن عسيري بدعم الدراما السعودية وتحويلها إلى صناعة ويتناسى في نفس الوقت أهمية أن تكون لتلك الدراما جودة نوعية في النص والحبكة والتمثيل والإنتاج المتميز فإنه يجافي الحقيقة والواقع، ذلك أن المنتج نفسه هو من يقف دون تحول الدراما السعودية إلى صناعة بأعماله السطحية التي ينتجها وبالتالي لن يسعى أحد إلى دعم نمو تلك الدراما وتحولها إلى صناعة تنتج المزيد من "التهريج والاستهبال" الذي للأسف بات طاغياً على كل الأعمال السعودية تقريباً. وحين يتحدث الزميل عسيري عن المعاناة التي يجدها المنتجون وأن حب الخشوم هو السائد للحصول على ما يريدون فإنه يتعامى عن حقيقة مهمة وهي أن المنتج السعودي في السنوات الأخيرة حصل على كل الدعم المادي والمعنوي ومنح تصريح التصوير داخل المملكة وكان لعسيري نفسه النصيب الأكبر منها. إن المبالغ التي صرفت على الدراما التلفزيونية جعلت منها بالفعل صناعة ولكنها على الغير من الصناعات التي يطير من أجلها وزير التجارة للحيلولة دون دفع ضرائب عليها كما يقول عسيري وذلك لأن صناعات الوزير منتجة ومربحة وذات جودة عالية تجعل المنافسة مع المنتوجات الأخرى لصالحها بعكس ما يقدمه عسيري وزملاؤه المنتجون من أعمال لا ينتظر منها التلفزيون عوائد لا إعلانية ولا مالية خلال إعادة تسويقها لأنها بصريح العبارة أعمال لا ترقى إلى وعي وفكر المتلقي وبالتالي فهي لا تباع على نطاق واسع لأنها غير مطلوبة. الكل يعلم بأن الدراما تعاني من معوقات شأنها شأن كل العناصر الثقافية الأخرى بمختلف مناشطها، معوقاتٌ كبيرة سيتكفل الزمن بمعالجتها، ورغم كل المعوقات الاجتماعية، فإن الدولة بمختلف مؤسساتها المختلفة تقدم كل الدعم اللوجستي والمعنوي للأعمال الدرامية وللمنتجين. ويعرف الزميل عسيري شخصياً في الفترة الماضية كم من العوائق أزيلت حتى حكاية تأشيرة الزيارة للمثلين والممثلات كانت تسير بسهولة، وخلال أيام معدودة كان الإعلام الخارجي بوزارة الثقافة والإعلام بحكم الاختصاص ينمح تأشيرة الدخول للأعمال الدرامية والثقافية بمرونة تامة إلا أن التأشيرات أخذت منحىً غير الذي يجب أن تكون عليه مما تطلب إعادة النظر في الموضوع وعسيري يعرف تماماً ما أعنيه. إن مشكلة الدراما السعودية ليست في المعوقات الاجتماعية إنما في الفكر الذي يحمله أركان العمل الدرامي كاملاً سواء كان ممثلاً أو مؤلفاً بل وحتى منتجاً. الكل لا يحمل فكراً ثقافياً عالياً ومتميزاً والكل يريد أن يكرر نفس فكرة منافسه ولا مجال للتطوير والإبداع لأنهم جميعهم يقولون سأعمل مثل المنتج السابق وبالتأكيد سأنجح مثل ما نجح هو من قبل. أما ما تحدث به حسن عسيري عن معاناة الزميل محمد الغامدي وجمعية المنتجين وأنه منذ إنشاء الجمعية وهو يطامر بالوزارة (كما يقول حسن) ولا أحد يدري لماذا؟. ولم يسمع الناس بالجمعية إلا بعد القائمة التي أصدرتها لفنانين خليجيين بعد أحداث البحرين وستر الله وانتهى الموضوع على خير!. إن ما تقوم به الوزارة الآن من تقنين مطالبات المنتجين المبالغ بها له خير بداية لتقنين الأعمال الدرامية التي لا داعي لها ولا جدوى من إنتاجها وبالتالي تقديم مبالغ تتناسب مع المستوى الذي بالتأكيد ليس لغياب المعاهد سبباً فيه إنما كما قلت الفكر ولا شيء غير الفكر.