خليط من الاثارة والخوف والحزن ينتابك وأنت على ظهر العبّارة المتجهة من مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية الى جزيرة الكتراز حيث يقبع أحد أشهر السجون في العالم. ذلك المعتقل الذي ضم مجموعة من أباطرة الإجرام مثل ال كابون الشهير ب “سكار فيس” و كيلي المعروف ب”الرشاش الآلي “ وغيرهم من عتاة المجرمين. عندما تصل الى الكتراز تشعر بالرهبة وأنت تطأ أرض احد أكثر السجون تحصينا كما وينتابك إحساس غريب بآلام التعساء الذي قضوا أجزاء كبيرة من حياتهم بين جنبات هذا المكان المخيف الذي وصفه احد السجانين بقوله : "عندما تخالف قوانين المجتمع يرسلونك للسجن وعندما تخالف قوانين السجن يرسلونك للكتراز". تدلف الى عنابر السجن وتشاهد الزنازين. تضع السماعة وتصغي الى احد المساجين السابقين يحكي قصته في هذا المكان المهيب000 "كانت أكثر الأمور التي نواجهها ايلاما هي عندما كنا نرى اضواء مدينة سان فرانسيسكو التي تبعد قرابة 2500 متر ، ونسمع ضحكات الناس وصخب الموسيقى، في حين اننا لا نستطيع مشاركتهم المتعة حيث تحيطنا الجدران الداكنة والحراسات المشددة" . يقودك صوته المفعم بالبؤس عبر عنابر السجن ويتحدث عن بعض الزنازين بالتحديد حيث يحكي ماحدث فيها من أحداث وقصص أشبه بالخيال يتمحور أكثرها غالبا عن محاولات الهرب الفاشلة حيث ان السجين الذي يفلح في تجاوز تحصينات السجن العتيدة يتوجب عليه مواجهة الحراس وان افلح في ذلك فعليه مواجهة الطبيعة المتمثلة في البحر القاتل المحيط بالجزيرة ومياهه القارسة البرودة. روبرت شخصية عنيفة ارتكب جرائم قتل بشعة ويربي 300 من طيور الكناري في زنزانته ! شهد الكتراز في تاريخه أربع عشرة محاولة للهرب كلها باءت بالفشل ماعدا محاولتين في عام 1937 وعام 1962 لم يُعرف مصير الهاربين فيها. وان كان يعتقد ان البحر قد ابتلعهم ، إلا ان بعض القصص تدور حول نجاحهم وعبورهم الى امريكا الجنوبية. وكانت محاولة الهروب التي تمت عام 1962 قام بها الأخوان انجلين هي الاكثر اثارة والتي سبقها الكثير من التخطيط ، حيث عمد الأخوان الى صناعة دمية شبيهة بالرأس قاموا بتشكيلها من الصابون وورق الحمام وقاما بقص شعرهما على مدى شهور طويلة والاحتفاظ بالشعر لوضعه على الرأس فيما قاما بحفر فتحة في جدار الزنزانة تكفي لمرورهما ، وفي الوقت المحدد للهرب ،الساعة العاشرة ليلا، وضعا الدمية على السرير وهربا عبر الفتحة الخلفية في زنزانتيهما وقاما بتسلق الجدار العالي ومن ثم التسلل الى الخارج والقفز الى مياه المحيط. بعد عمليات تمشيط واسعة في البحر اعلنت السلطات انها لم تجد اثرا للهاربين ولا حتى لجثمانيهما وان مصيرهما بات مجهولا. وافادت بعض شهادات المساجين بأن الاخوين انجيلين كانا يتعلمان اللغة الاسبانية في السجن مما فتح باب التكهنات انهما هربا الى امريكا الجنوبية. معتقل : نتألم عندما نرى أضواء مدينة سان فرانسيسكو ونسمع ضحكات الناس وصخب الموسيقى تقودك اقدامك عبر ردهات السجن فتصل الى السجن الانفرادي، حيث قضى المحكومون المتمردون والعصاة اسوأ لحظاتهم هناك. تسمع صوت الدليل يشرح المشاعر المرعبة التي يمر بها السجين عندما يتم ارساله الى السجن الانفرادي حيث الظلمة والوحدة والوحشة لمدة قد تصل الى اسبوع ، يقول السجين السابق : " كانت تجربة مرعبة ، قد تودي بك الى الجنون في حال لم تعرف كيفية التعامل معها ، كنا نستخدم اسلوبا ابتكرناه للتعايش مع الظلام والوحدة حيث يغلق السجين عينيه ويسترخي ثم يبدأ في تخيل تلفيزيون يبث البرنامج المحبب له وكلما اندمج اكثر سيشعر بأن ما يراه حقيقة وليس خيالا ! " احد اكثر الشخصيات المثيرة للاهتمام والتي قضت قرابة السبعة عشر عاما بين جدران الكتراز هي روبرت ستراود المعروف ب"رجل الطيور"، ويعد ستراود شخصية متناقضة وغريبة الاطوار الى الحد الذي جعله ملهماً لأحد الافلام السينمائية الناجحة في مطلع الستينات حمل عنوان (رجل طيور الكتراز). ويأتي مصدر الغرابة في شخصية روبرت من التناقض الذي كان يكتنفه ، حيث كان من المعروف عنه قسوة قلبه وارتكابه لعدة جرائم قتل بشعة بدم بارد ، الا ان هذه الشخصية العنيفة تضم بين كنفاتها شخصية لطيفة محبة للطيور ، وبالتحديد طيور الكناري حيث قام بتنشئة ما يقرب من 300 طير في زنزانته بالاضافة الى تأليفه لكتابين عن عالم الطيور . سجن الكتراز الذي يقف عتيدا وسط المحيط الهادىء تم اغلاقة في العام 1963 واصبح مزارا سياحيا شهيرا يؤمه اغلب زوار مدينة سان فرانسيسكو الباحثين عن الاثارة والغموض واستكشاف حياة السجن وعذاباته. أدوات الحلاقة يستخدمها المحكومون ملابس المعتقلين إحدى الزنازين من الداخل