تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة شرائح جوال مجهولة الهوية -بدون اسم- لدى الشركات المزودة، أو تكون باسماء عشوائية بُغية التجارة من قبل الباعة المتجولين؛ مما جعل تلك الشرائح أداةً لتهديد الآخرين، فضلاً عن إزعاجهم، كونها تُسّرب إلى الأسواق بأسعار زهيدة وتباع أمام بوابات المحال التجارية وأسواق الاتصالات، بل وحتى عند الإشارات المرورية!. وجعل البعض تلك الشرائح وسيلة للتطفل على الآخرين من خلال الاتصال العشوائي، إلى جانب اجتذابها لهواة المعاكسات الهاتفية، مما جعلها ملاذاً آمناً لتسليتهم، في ظل سهولة استبدالها بأخرى، كونها تُباع بعشرة ريالات وبرصيد مماثل، وكلما انتهت مغامرة بدأت أخرى. عشرة ريالات تغيّر رقمك في دقيقة.. والخطر الأمني أكبر ابتزاز مجهول بدايةً، ذكر "أنور" أنه تعرض لابتزاز من شخص مجهول استطاع جمع معلومات شخصية خاصة به، حيث كان يتصل في كل مكالمة برقم مختلف، مما زاد من صعوبة تعقّبه والإمساك به، الأمر الذي جعله يلجأ إلى الشرطة، واستطاعوا بعد فترة تعقّب إحدى مكالماته، ثم القبض عليه، واتضح أنه وافد كان يعمل لديه في مؤسسته. شرائح متداولة واتفق آخرون على أن تلك الشرائح المتداولة تشكّل أداة في أيدي ضعاف النفوس والسُفهاء والأطفال غير مجيدي استخدام التقنية، مؤكدين على أن الخطر الأكبر من تلك الشرائح يكمن في استخدامها بُغية الإيقاع بالفتيات قليلات الخبرة، مما يجعلهم يلعبون على عواطفهم، ويقعن فريسةً لهم. العقيد الجعيد: ضبطنا أعداداً كبيرة عند إشارات المرور رأي مغاير وخالف كلٌ من "سليمان المطيري" و"عدنان الرابغي" و"صلاح الحسيني" من سبقوهم، مؤيدين استخدام ذلك النوع من الشرائح مجهولة الهوية؛ كونها تكفيهم إجراءات الذهاب إلى فروع الشركات المزودة للخدمة وتحمّل الانتظار، مبينين أنهم من مؤيدي اقتناء أكثر من رقم جوال، وليس ضرورياً أن تحمل جميعها أسماءهم الحقيقية، وإنما يكفي تسجيل رقم واحد، أما البقية "فالبركة في البائعين عند الإشارات المرورية" -على حد قولهم-. بسطات الأرصفة تستهوي العمالة الأجنبية ثمن رخيص وتجولت "الرياض" في أحد الشوارع المشتهرة ببيع مثل تلك الشرائح، والتقت ب"أحمد يماني" -بائع- حيث ذكر أنه يعمل في الموقع نفسه منذ أكثر من عام، ويتنافس مع زملائه الباعة على نيل المساحة الأكبر في الموقع حتى أصبح أحد رموز السوق، موضحاً أنه يوجد نوعان من شرائح الجوال، الأول خاص بموسم الحج، وهي كثيرة ويتم تداولها عند إشارات المرور، وفي الأسواق الشعبية، وأماكن تجمع العمالة الوافدة؛ كونها رخيصة الثمن وتجد إقبالاً كبيراً. وأشار إلى أنه لا يحمل شرائح ذات أرقام غير مميزة المتراوح سعرها بعشرة أو 15 ريالاً، بل لديه أرقام مميزة تصل أسعارها إلى 600 ريال لمختلف شركات الاتصال وبذات الخاصية بدون تسجيل هوية المشتري والمستخدم، مبيناً أنه يحصل على تلك الشرائح من المندوبين الميدانيين قائلاً أنه ليس من شأنه أن يعرف من أين يأتون بها بقدر أن يحصل عليها ويُسوقها لزبائنه وغالبيتهم من المراهقين والعمالة الأجنبية، ذاكراً أن بعض الطلاب والمراهقين أصبحوا يتاجرون بتلك الشرائح مجهولة الهوية من خلال شرائهم أعداد كبيرة وبيعها على زملائهم وتحقيق أرباح جيدة بالنسبة لهم. زبون يفاضل بين الأرقام المميزة كبار وصغار ولا يقتصر بيع هذه الشرائح على الكبار فقط، بل حتى الأطفال يبيعونها، كما هو حال "خالد تركي" -11 عاماً- إذ يعمل في بيعها لمساعدة والديه في كسب لقمة العيش بعد فراغه من مذاكرة دروسه، مشيراً إلى أنه يشتري شرائح عديدة من مندوبين وبائعين لا يعلم من أين يأتون بها، ويبيع جزءاً منها والده في المحل، وهو يتولى بيع الجزء الآخر على الرصيف، كونه يستطيع التنقل بشكل سريع، لا سيما في حالة المداهمات كونه بائعاً متجولاً ولا يحمل أي ترخيص للبيع. للبيع.. «على عشرة ريالات» تفاوت أسعار وأكد "الحاج محمود عبد القادر" على أن أسعار الشرائح متفاوتة من بائع إلى آخر بحسب المنطقة التي تُباع فيها الشرائح، إلى جانب أن اختلاف أسعارها يختلف باختلاف الأرقام، حيث أن المميزة تحظى بأسعار مرتفعة، وبعض الشرائح تمتاز بباقات مختلفة تزيد من سعرها. وأضاف:"يحضر إلينا مندوبون لا نعرف أسمائهم، ويجلبون الشرائح من الشركات المزودة بأعداد كبيرة جداً ويحضرونها في كراتين كبيرة، ثم يفرزونها ويصنفونها بحسب تميز الأرقام، وبعدها يبيعونها على الباعة المتجولين"، مبيناً أنه لجأ إلى تلك التجارة لتغطية مصروفه اليومي كون ما يحصل عليه من دخل في عمله الأساسي لا يكفي في ظل متطلبات الحياة. ظاهرة مزعجة وحمّل العميد "مسفر الجعيد" -الناطق الإعلامي لشرطة جدة- مسؤولية تسّرب شرائح الجولات بدون اسم إلى شركات الاتصالات، مشدداً على ضرورة القضاء على تلك الظاهرة المزعجة للمواطنين والمقيمين، متسائلاً عن سبب مخاطرة الشركات بسمعتها من خلال السماح للمتلاعبين بالشرائح مجهولة الهوية بالتكسب عبر الأسواق السوداء. ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية تسعى إلى القبض على كل من يعمل أمراً من شأنه نشر الفوضى، فضلاً عن أن تلك الشرائح من الممكن أن تستخدم في ابتزاز الآخرين وغيرها من الأمور غير المشروعة، ثم التخلص من الشريحة بكل سهولة، دون أن يتسنى تتبع هوية مستخدم الشريحة، مؤكداً على أن "الشرطة" لم تغفل عن مروجي الشرائح المجهولة، إذ تم ضبط أعداد كبيرة من باعتها في الأسواق وعند الإشارات المرورية، وتم تحويلهم إلى أقسام الشُرط لاتخاذ الإجراءات اللازمة. غياب الرد وسعت "الرياض" إلى الحصول على تعليق من شركات الاتصالات حول تلك القضية المعنية بها على مدى ثلاثة أسابيع مضت، إلاّ أنها لم تتلق أي رد على استفساراتها وأسئلتها الموجهة إلى تلك الشركات عبر الهاتف، والفاكس، والبريد الالكتروني.