استبشر الكثيرون خيرا بمجرد دخول تقنية الهاتف النقال وبدء طرحها في الاسواق، وتنوعت أطياف المستخدمين ما بين الصالحين والعابثين، وما إن باتت توزع شرائح الاتصال بالجملة على قارعة الطريق وبأرخص الاثمان تحت مسمى التنافس والتسابق بين مزودي خدمة الاتصالات في المملكة، حتى ظهر الحد السيئ لهذا السلاح، الذي ما لبث أن تحول إلى سهم ماكر في متناول أيدي الأشخاص الخطأ الذين طوعوا هذه الخدمة التي لا تقدر بثمن لاقتناص فرائسهم بطرق ملتوية. وبرغم التحذيرات المتكررة الصادرة من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، إلا أن الوضع لا يزال ينتظر من يضع حدا له، في الوقت الذي تترقب سوق الاتصالات في المملكة تطبيق قرار ربط شحن شرائح الهاتف المتنقل بهوية المستخدم، إلا أنها لا تزال تباع في السوق السوداء، وتحديدا في أسواق الاتصالات في شارع فلسطين على وجه الخصوص عيانا بيانا. ويبرر أصحاب البسطات العشوائية للأرقام المجهولة عملهم في بيع الشرائح، بأن الجهات الأمنية تكفلت تماما بحماية مستخدمي الهاتف النقال حال تلقيهم أي إزعاج من أطراف مجهولة، كون النظام الأمني يكفل تحديد مواقع الشرائح المجهولة وتتبعها. ويرى حسين العنزي احد العاملين في سوق الاتصالات منذ 25 عاما، أن بيع الأرقام المجهولة لم يعد مقرونا بالسرية كما في السابق، لأن النظام الأمني الجديد حد من تجاوزات ضعاف النفوس الذين يستخدمون الشرائح دون اسم لأغراض دنيئة، ما حدا بلجان متابعة منع بيع الشرائح بشكل مجهول إلى صرف نظرها عن الباعة الجائلين. في حين أكد أصحاب المحلات التجارية والمستهلكون إلى أن أسباب انتشار الشرائح المجهولة في الأسواق بشكل ملفت تعود إلى ضعف الرقابة على الشركات المشغلة لخدمات الاتصالات بالدرجة الأولى، ما ساهم في استمرار تلك الظاهرة، موضحين أن المتضررين هم عوام الناس الذين يتلقون المعاكسات من أرقام مجهولة، مبدين استغرابهم من موقف شركات الاتصالات إزاء الارقام المجهولة كونها تمثل شركات وطنية يهمها الأمن والمصلحة الاجتماعية. يقول أحمد الزهراني إن شركات الاتصالات تطبع وتصدر الشرائح بأسماء شركات أو مؤسسات أو عمال وهميين، ومن ثم يتم طرحها في السوق، والحل الأمثل للقضاء على ذلك يكمن في متابعة شركات الاتصالات ووضع أجندات معينة على مسألة إصدار الأرقام ومراقبة الموظفين، بحيث لا تجري طباعة رقم أو إصدار شريحة إلا لمن يستخدمها شخصيا، وليس لمن يتاجر بها. ويضيف منصور الحازمي أن الحاجة الامنية تحتم على جميع شركات الاتصالات منع تداول الشرائح المجهولة منعا باتا، ولا تصرف الا بأسماء اشخاص وبإثباتات شخصية كبطاقة احوال او اقامة، حتى تقنن الاستخدامات. ويطالب عبدالعزيز الغانمي بأن تطبق القرارات التى صدرت من هيئة الاتصالات تطبيقا فعليا، كون الكثير منها صدر ولم ينفذ بحسب وجهة نظره. وزاد: حان الوقت لتفعيل القرارات على أرض الواقع، حتى لا يدفع المواطن في النهاية ثمن هذه المشاكل والمعاكسات التى أضحت هاجسا يؤرق مهاجع المواطنين. يذكر أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أصدرت قرارين يتعلقان بقطاع الاتصالات في المملكة، ويتمثل الأول في إلزام الشركات بعدم تفعيل إعادة شحن الشرائح إلا عقب التوثق من هوية المستخدم، في حين كان القرار الثاني ينص على تقليل تدخل الهيئة بالعروض الترويجية للاتصالات الداخلية. إلى ذلك، أكد مصدر أمني فضل عدم ذكر اسمه، أن لجانا مكونة من الأمن الوقائي، الجوازات، وزارة العمل والأمانة تجري حملات مكثفة على المحلات التجارية المتخصصة ببيع الجوالات وفق تنسيق مسبقا، مبينا انه في حال اكتشاف وجود شرائح لا تحمل أسماء وتعرض للبيع تتم مصادرتها فورا، منوها الى انه يتم فرض غرامات على أصحاب هذه المحلات وإغلاقها إن استدعى الأمر لذلك.