في متحف مدينة الطيبات بجدة.. وسط حضور كبير من الأدباء والمثقفين ورجال الفكر والإعلام من الجنسين رجالا وسيدات احتفل الدكتور عبد الله مناع بتوقيع كتابه الجديد ..(تاريخ مالم يؤرخ جدة الإنسان والمكان) حيث يأتي هذا الإصدار الذي دونه مناع عن تاريخ مدينة جدة ، مشكلا للون فكر المناع وأسلوبه الأدبي المتميز وعشقه للكلمة الذي أخذته بعيدا عن الطب ليكون قامة سامقة من رجالات الفكر والثقافة والكتابة في الوطن. كما أن في حديث المناع عن كتابه ، والذي استهله بالحديث عن فكرة إقامة حفل للتوقيع على كتاب جديد وإصدار جديد وهي الفكرة التي سحرتني منذ أن عاشها ورآها لأول مرة في القصر الكبير أو (الجراند باليه)في باريس حيث تم التوقيع على كتاب الدكتور جان بول روو( الفنون الإسلامية)..ونتيجة هذا (السحر) الذي تحمله فكرة الاحتفال بتوقيع الكتب كانت استجابته فورية لأخيه الأستاذ (صالح بوقري ) الإعلامي المخضرم ،ورجل العلاقات العامة الديناميكي.. وعن الكتاب قال:الكتاب في أعلى تجلياته كأنه رحلة ل"جوال" شاب يحمل قلبا من طين (جدته) ..وعلى ملابسه ندى صباحاتها ورطوبة مساءاتها، وبين يديه قلم ..وعلى كتفه (كاميرا) يسير بين حارات جدة وبرحاتها وأسواقها وأزقتها يكتب ويتكلم ، يغني ويبكي . .يصرخ ويفرح ، ويقفز بين الحين والأخر ليقبل ذلك المبنى الشاهق أو ليعانق تلك المئذنة المختالة ..وهو يبحث عن أولئك الطيبين من أهلها : أعلاما وبسطاء ..الذين صنعوا مفردات حياتها وقيمها وأخلاقها.. ليقبل جباه ذكراهم وما حفظوه وتركوه خلفهم..وختم المناع حديثه عن كتابه بقوله: لكنني في النهاية لا بد أن آخذ بما قاله توفيق الحكيم ..(أن أسوأ من يتحدث عن الكتاب هو...مؤلفه) ، حتى وأن كنت من المؤمنين بما قاله (تولستوي) من (أن مهمة الكاتب.. هي أن يصف لنا عالم الله) !! لأنني إن أنصفت نفسي ..قيل ( عم شاكر روحه..يسلم عليك) ، وإن أغمضتها حقها ..قيل ظلم نفسه !..فمن الأفضل أن يصمت الكاتب وأن يدع الكتاب يتحدث عن نفسه . غلاف الكتاب الدكتور المناع أشار في مقدمة الكتاب إلى أنه يتطلع يقينا إلى بسمة رضا من شفاه أهل جدة وعشاقها ومن سكنوها أو مروا بها وإلى لمحة فرح ..في عيونهم بأن ماضيها لم يذهب نسيا منسيا وإلى عزمة في صدورهم بأن يبقى في حياتهم وحياة أبنائهم وأحفادهم أجمل ماكان في ذلك الماضي..في ذلك التاريخ الذي لم يؤرخ. "تاريخ مالم يؤرخ جدة الإنسان والمكان" الذي يضم أكثر من مائتين وثمانين صفحة من الحجم المتوسط قدم لمحة عن حارات جدة القديمة داخل السور وأهم معالمها وركز في معظم مادته عن الحديث عن الكثير من أعلامها وتجارها وأصحاب المهن السائدة آنذاك فيها وعلاقات الناس ببعضهم في ذلك الزمن الجميل المفعم بالطيبة والحميمية والبساطة والمعجون بصفات الإيثار والشهامة والنخوة والأخوة بين جميع أهلها.