كان عنوان ما كتبته في السابق (لا لوم على الطالبات) ولكن الجريدة ولهم وجهة نظرهم غيروا العنوان فاصبح كأن المقال مقارنة بين معلمة اليوم ومعلمة الأمس ولم يكن هذا هدفي من الكتابة.. فانا لا أقارن بينهما، فهناك من هن معلمات بالأمس أفضل من معلمات اليوم والعكس وكل ما قلته أن المعلم اليوم يحظى بتطور الأساليب وأن العملية التعليمية أكثر تنظيماً من ذي قبل وكان هدفي من الكتابة الاساسي هو تحذير الأمهات من الوقوع في فخ الانجراف العاطفي مع الأبناء. سوف أرد على الأخت نعيمة بعدة ردود أرجو أن تقرب وجهات النظر معها ومع غيرها وأن تخفف من حدة تحاملها: ٭ بالنسبة للأمهات فقد كتبت عنهن في السابق ويكفي ماكتبته فأنا أيضاً أم وأتعاطف أحياناً مع أبنائي وعندما اكتشفت الاستغلال العاطفي اللاشعوري للابناء لتأليب الأم على المدرسة كتبت ما كتبته للتحذير من الاندفاع العاطفي مع شكاوى الأبناء لانها لن تنتهي. ٭ سأضرب بعض الأمثلة لتقريب ما أقصده للاذهان. وما أريد إلا الاصلاح ما استطعت: عندما تقول لك ابنتك مثلاً بأنها لم تفهم درس العلوم أو غيره فلن تعترف لك بأنها كانت شاردة الذهن في الحصة أو نائمة مثلا بل سيكون الأسهل لها أن تقول لك أن المعلمة لا تعرف كيف تشرح الدرس حتى تكسب تعاطفك معها وعدم لومها. مثال آخر لنفرض أن أبنتك قالت لك: أن المعلمة عاقبتها لأنها ضحكت مع أن الفصل كله كان يضحك ولم تعاقب سواها. لن تكمل وتقول لك أن المعلمة قالت كفى. وسكت الجميع بينما هي أكملت الضحك بشكل استفرازي مثلاً أو أنها ضحكت بصوت جهوري شاذ. لماذا لا تكمل. لأنها ذكية وتريد تعاطفك وجرك إلى صفها فإذا كانت البنت ذكية فلتكن الأم أذكى وتعلمها الصراحة والاعتراف بالخطأ وتغرس فيها فضيلة الاعتذار حتى يكون طبعاً من طباعها يستمر معها بقية حياتها. ٭ لن أكتب أكثر عن أمهات اليوم ولكني أدعو الأخت بما أنها مشرفة إدارية وعلاقتها بمديرات المدارس أن تسأل مديرة أي مدرسة خاصة (حيث الانجراف العاطفي مع الابناء أكثر) عن الصداع الذي يصيب الواحدة منهن من كثرة المكالمات الهاتفية ومطالب الأمهات التي لا تنتهي فكل واحدة منهن تريد أن تكون المدرسة مفصلة تفصيلاً على رغبات ابنتها مما يدل أن أم اليوم تفكر بطريقة ابنتها وليس أرقى وأنها منقادة وليست قائدة (وخاصة بعد صدور قرار عدم اعادة الاختبار الشهري) مع أن هذا القرار في صالح الطالبة والأهالي. ٭ أن الأخت المشرفة تقول إن على المعلمة أن تسمع صوت الطالبة وهي في سن لا تدرك فيه مصلحتها. حيث لو استشرت طالباتي في أن اعطيهن الدرس أو أتركها حصة فراغ لاختارت الطالبات الفراغ الا ما ندر فهل سمعت أنت صوت المعلمة في أي مدرسة ذهبت لزيارتها، أشك في ذلك هل عقدت اجتماعاً مع معلمات أي مدرسة لتسمعي مطالبهن أو اعتراضاتهن مع أن فيهن من هي أكبر سناً من مديرة المدرسة. ان المشرفة الإدارية اليوم توجه اهتمامها لسجلات الإدارة ومدى اكتمالها بشكل دفع مديرات المدارس إلى التفرغ لهذه السجلات والتنافس في تغليفها وزركشتها عند محلات التغليف كان الاولى أن تصرف هذه الأموال في مساعدة الطالبات اللاتي لا يستطعن شراء طلبات الفنية، وانشغلت المديرات عن أعمالهن الميدانية الأساسية في تعبئة هذه السجلات التي تزيد كل عام. لهذا علينا الاهتمام بالجوهر وليس بالمظهر. ٭ أدرك ما تقوله الأخت من وجود فروق فردية بين المعلمات ولكن هل هذا مبرر لعدم الاحترام؟ هل أوصي الدين باحترام الكبير إذا كان يستحق فقط؟ أم على الاطلاق. وإذا كان مبررك لاهمال الطالبة هو كره الطالبة للمعلمة فعلى حد علمي لا يوجد معلمة تحب عملها فلتبرري لهن الاهمال والغياب. ولا أعلم أن أي ادارية لجأت للإدارة الا هروباً من التدريس! أذن عليكن كمشرفات معالجة الأسباب. لاتبادل التهم. وتعليم الجيل الصبر على المكاره. ٭ أما ما يخص طلبات الفنية فقد اقترحت الأخت أن تقسم الطالبات إلى مجموعات، ويا له من اقتراح!! هل نحن في أفقر دول العالم؟ أين البذخ في الحفلات وفي الأسواق وغيرها من الأمور الكمالية؟.. أتفق معها أن هناك بعض الأسر التي لا تستطيع توفيرها ولكنها ولله الحمد محدودة العدد ومعروفة ظروفها لدى المشرفة الاجتماعية وتوجه معلمة الفنية لتقدير ذلك. ٭ أما عن تطبيق الأساليب التربوية الراقية مع الطالبات فحدث ولا حرج إن هذه أمنية كل معلمة ولكن كيف تطبق هذه الأساليب في فصل تحشر فيه 40 طالبة. وعندما تبدأ المعلمة بتطبيق هذه الأساليب التي أحبذها وأدعو اليها فهي تقرب المسافة بين المعلمة والطالبة ولكن للاسف يخرج عليها نماذج من الطالبات يجعلنها تحرم العودة لهذه الأساليب حيث يحولن الحصة إلى تهريج ويعتبرن رقة المعلمة واحترامها لهن ضعفاً في شخصيتها ويبدأ الاستغلال. والسبب لانهن لم يتعلمن الانضباط في المنزل ولم يتعلمن فن الحوار. إذن دور المعلمة مكمل لدور الأم فلا تلقين عليها كل اللوم. ٭ الأخت المشرفة تعتقد أن طالبات اليوم مثل الطالبات اللاتي كانت تدرسهن لقد اختلفت الأمور كثيراً وليست التي تداوم على مكتبها مثل من تجاهد إلى الآن في الميدان فطالبة اليوم تفتقد إلى الجدية في طلب العلم وتميل أغلب وقتها إلى اللعب والتسويف وعدم تحمل المسؤولية وتميل إلى التذمر من كل شيء والأم تلاحظ أن أبنتها اليوم تختلف عن أختها الأكبر منها سناً فهي لاتصرف الاحترام لأمها فكيف تصرفه لمعلمتها؟ وأصبح التذمر صفة سائدة للجيل وكلمة (اووف طفش) أصبحت ملازمة لشباب اليوم من بنات وأبناء وكأنها ذكر من الأذكار والعياذ بالله.. علينا أن ندرك هذا الجيل بتحميله وتعليمه استغلال أوقات الفراغ بما يفيد والبعد به عن كثرة الترفيه والتنزه. ٭ الأخت المشرفة تقول أن المعلمة يمكن أن تضع أسئلة صعبة انتقاماً من طالباتها ولو صدر هذا الادعاء من طالبة لعذرتها ولكن أن تقوله مشرفة إدارية تعرف تماماً أن المعلمة لا تنفرد بوضع الاسئلة ثم كيف تنتقم المعلمة من طالباتها والاسئلة عامة للجميع وفيهن طالبات مهذبات ومحترمات مما لا ذنب لهن، أعتقد أن المعلمة لا تتحكم فيها العواطف مثل الطالبة. بل أصبح الاتجاه الآن تسهيل الأسئلة حتى يصبح التصحيح أسهل. وعندما قلت في مقالي: أن الطالبة تتخيل صعوبة المنهج فقد كنت طالبة وكنت إذا عانيت من صعوبة مادة أعطيها اهتماماً أكبر لا تذمراً أكثر. لذلك لا داعي للتعاطف مع الأمهات ومجاملتهن على حساب المعلمة ومن يوجههن للخير يحبهن أكثر. ٭ إن المجتمع ووسائل الإعلام تتحامل على المعلم والمعلمة وكأنهما ليسا من أخوتهم في الله وهي تقول أن المعلم ليس ملاك ولكن عندما يخطئ يحاسب كأنه ملاك يجب ألا يخطئ وتضخم اخطاؤه وعيوبه ولا يذكر فضله لذلك في ظل هذا الهجوم نقترح أن توجد نقابة للمعلم للمطالبة بحقوقه. وفي الختام أدعو لكل من يتحامل على المعلم والمعلمة أن يجعل الله أبناءه معلمين ومعلمات فقط وأذكر انه لن يصلح حال الأمة إلا بصلاح الأم. واعطاء كل ذي حق حقه.