يقول الرسم البياني رقم 6 (صفحة 4) في تقرير إدارة الطاقة الأمريكية الصادر في 23 يناير 2012 بعنوان AEO2012 عن توقعات أسواق الطاقة إلى عام 2035 : إن إنتاج السوائل التقليدية في أكبر عشر دول خارج أوبك خلال الخمس وعشرين سنة القادمة (2010 – 2035) سيرتفع من 40 مليون برميل في اليوم عام 2010 إلى 51 مليون برميل في اليوم عام 2035 رغم انخفاض إنتاج أربع دول رئيسية هي: المكسيك، والنرويج، وبريطانيا، وأذربيجان، لأنه سيرتفع إنتاج ست دول هي: أمريكا، وكندا، والبرازيل، وروسيا، وكازاخستان، والصين. وفقا للرسم البياني المذكور فإن أمريكا ستكون أكبر دولة منتجة للسوائل عام 2035 حيث سيبلغ إنتاجها 12.8 مليون برميل في اليوم (أكبرمن إنتاج أي دولة في العالم منذ اكتشاف البترول إلى الآن)، تليها روسيا حيث سيبلغ إنتاجها 12.2 مليون برميل، ثم كندا 6.86 مليون برميل، ثم البرازيل 6.00 مليون برميل، فالصين 5.67 مليون برميل، ثم كازاخستان 3.03 مليون برميل. يجب على القراء المتخصصين والمهتمين بشؤون البترول (وهم المستهدفون بهذا المقال) أن يأخذوا في اعتبارهم عدة ملاحظات جوهرية سنختار منها ما يتوافق مع سياق الموضوع. أولا: رغم أن الرسم البياني لا يشمل الدول الأعضاء في أوبك إلا أن هذا - وفقا لاستنتاجاتي - لا يعني بالضرورة أنه قد يوجد خطة لدى أي دولة من الدول الأعضاء في منظمة أوبك أن تتخطى أمريكا أو حتى روسيا في ترتيب الدول الأولى المنتجة للبترول في العالم عام 2035. ثانيا: الرسم البياني يأتي بمصطلح جديد يسميه السوائل التقليدية Conventional liquids وهو مصطلح أوسع كثيرا من المصطلح المتعارف عليه الآن فكلمة تقليدي تقتصر على السوائل المشتقة من البترول، ووفقا للمصطلح الجديد، فإن كلمة تقليدي تشمل كل شيء سائل حتى الوقود الحيوي الذي يعتمد على المحاصيل الزراعية لطعام الأنسان. ثالثا: يلاحظ رغم أن إجمالي استهلاك أمريكا للسوائل البترولية سيبقى ثابتا عند مستواه الحالي تقريبا حوالي 20 مليون برميل في اليوم ورغم محاولة أمريكا التوسع في إنتاجها المحلي إلا أن اعتماد أمريكا على المستورد من الخارج لن ينخفض كثيرا بل سيكون حوالي 7.2 مليون برميل في اليوم (أي 36 % من إجمالي استهلاكها) عام 2035. رابعا: ستطرأ تغييرات كبيرة في خارطة توزيع إنتاج البترول في العالم حيث ستنخفض أهمية بترول المكسيك وبترول بحر الشمال (النرويج وبريطانيا) لاستنزاف احتياطياتها بينما ستزداد أهمية بترول البرازيل وكندا وكازاخستان لحداثة استغلال بترولها. خامسا: الملاحظ أن معظم الزيادات المتوقعة في إنتاج البترول الخام ستكون إما من مناطق المياه العميقة على عمق عدة كيلومترات تحت سطح البحار (البرازيل والصين وخليج المكسيك) وإما من بترول الرمال الكندية، وإلى حد ما من البترول الحجري في أمريكا. السؤال الذي يهمنا أن نعرف الجواب عليه: ما هو تأثير هذه التغيرات في أسواق الطاقة على إنتاج بترول دول أوبك (بالذات دول مجلس التعاون) عام 2035؟ يجب أن نعرف أنه يكاد يوجد شبه اتفاق بين الدول المنتجة والدول المستهلكة على أن يتم في كل سنة تقدير احتياج (حجم الطلب) العالمي للبترول ثم يطرح منه البترول الذي تنوي أن تنتجه جميع الدول المنتجة خارج أوبك ومن ثم يعتبر الفرق بينهما هو المطلوب الذي ينبغي من دول أوبك أن تنتجه من بترولها خلال السنة، ولو طبقنا هذه القاعدة للتعرف على حجم العرض (الإنتاج) المطلوب من دول أوبك أن تنتجه من بترولها عام 2035 سنجد أنه كالتالي: معظم التقديرات لأسواق البترول عام 2035 تتوقع أن يكون الطلب الإجمالي للعالم على السوائل حوالي 109 مليون برميل في اليوم بينما سيكون العرض الإجمالي للدول خارج أوبك حوالي 67 مليون برميل (منها 51 مليون من الدول العشر المذكورة أعلاه والباقي ستنتجه أكثر من 30 دولة أخرى متناثرة في شتى أنحاء المعمورة) وبذا يكون المطلوب من أوبك أن تنتج أكثر من أربعين مليون برميل في اليوم عام 2035 أي بزيادة تتجاوز 33 % عن إنتاجها الحالي. قي زاوية السبت القادم - إن شاء الله - سنرى هل تستطيع دول أوبك أن تنتج جميع الكمية التي يتوقع العالم منها إنتاجها عام 2035 أو أنها ستعجز عن تلبية ذلك.