في الأسبوع الماضي شاهدت إعلانا غريبا تتصدره عبارة "عالج نفسك وأهل بيتك من العين والسحر والمس!!".. والإعلان أعزائي القراء عن جهاز للرقية الشرعية!!. به المصحف كاملا لخمسة مقرئين مع التكرار كما هو مذكور في الإعلان!!. أتساءل بتعجب: هل هذا نوع من توظيف التقنية في الدين؟! أم الأصح هو المتاجرة بالدين!! واللعب على وتر حاجات الناس وبحثهم عن الشفاء وكذلك استغلال تدين الناس أسوأ استغلال!!. كيف تكون الرقية الشرعية عبارة عن جهاز!!. أليست الرقية هي ما يتلوه المريض وطالب الشفاء على نفسه!! أو يتلوه عليه شخص آخر قريب منه!!. أتذكر من سنوات راج اسم مركز لمن يسمي نفسه معالجاً بالقرآن خارج السعودية! وتوافد عليه السعوديون والخليجيون! وكان من خدماته العجيبة أنه حتى المرضى العاجزين عن الحضور له يستطيع مداواتهم! كيف؟ عن طريق إرساله أشرطة مسجلة - مقابل مبلغ وقدره - له وهو يرقي بالرقية الشرعية!!. كثيرا ما أتساءل كيف فرغنا الدين من محتواه ومعانيه العظيمة! إن تلاوة آيات القرآن ليست لوحدها كافية ليشفى المريض! بل لابد من استحضار النية والتمعن في الآيات والانغماس في معانيها!! لذلك كيف تتحول الرقية الى مجرد آيات يسمعها المريض!!. للأسف هنالك الكثير من المدعين والدجالين الذين يدعون قدرتهم على شفاء الناس! تارة بالسحر وتارة بالجن الخ!! وهؤلاء من السهل كشفهم ومن الدين ما ينهى ويحرم الذهاب إليهم!. لكن المصيبة والمعضلة بمن يدعي أنه يشفي بالقرآن! وهو يتاجر فيه وبأمراض الناس وتعلقهم بأمل الشفاء!! تصل رسالة على الجوال الإيميل! تقرؤها فتقول آن الأوان لنقفل كليات الطب والمستشفيات! لماذا لأنها تحوي جميع أنواع العلل وحلولها التي تتجسد في إرسال رسالة نصية لفلان وهو كفيل بما يتلوه من آيات أن يعالج علتك!!وهكذا! بل وحتى المشاكل الزوجية والنفسية والبطالة!! الخ. أتذكر إحدى طالباتي أطلعتني على ورقة غريبة بها أدعية وآيات قرآنية مخصصة - بخلاف ما يرد في حصن المسلم وغيره من الأدعية الصحيحة - لكل شيء قد يخطر ولا يخطر على بالك! الى درجة دعاء يقال عند الاختبار الصعب.. ودعاء للحمل.. ودعاء ليدوم الحب بين الزوج وزوجته.. الخ!! المشكلة أن طالبتي مصدقة وتقول وهل تشكين في القرآن!!. قلت لها: لا أشك، ولكن أشك في نفوس ضعيفة ومريضة ضيعت الدنيا والدين!!.