هل الكتابة عن خطاب المندوب السوري في الأممالمتحدة ليل السبت الفائت تعد من ضمن الكتابة التي تتبع الهفوات والسقطات ، أم هي كتابة تعنى بتحليل سياق الخطاب الذي يؤدي إلى الوصول لفهم الفعل السياسي في قادم الأحداث ؟ بداية أعترف بأن ما دفعني للكتابة عن خطاب الرجل الأنيق في نيويورك لم تكن رغبة في الفهم أو تتبع الكلمات التي تؤدي إلى الفهم ! إذن أنا مدفوع بنية الحرص على اصطياد السقطات علّني أفوز بصيد ثمين .. في واقع فهمي الذي لا أعتبره بسيط ثقة وليس غروراً أو الاثنين معاً لا فرق بين الثقة ، والغرور ونحن في صدد رمي الاستعلاء الإنساني بأقذر ما نملك من صيغ السباب والشتائم . أراد الدبلوماسي السوري في مجلس الأمن أن يلفت انتباه مستمعيه من أعضاء مجلس الأمن إلى احتقار المجتمع السعودي للمرأة ، فلم يجد أمامه ما يستشهد به على احتقارنا للمرأة في بلادنا إلا أنها ممنوعة من حضور مباريات كرة القدم ، وهذا صحيح مثل ما هو صحيح أن تقديم هذه الحجة جاء لتبرير ما يعمله نظام بلده بالمرأة الشريفة بين أهلها وفي أرضها من انتهاك للعرض والسجن والقتل . أعرف أن الدبلوماسية لا تخلو من بعض أدوات المراوغة ، ولكنها في كل الحالات لا تصل إلى ترك القضية الأساسية خلف الظهر ولفت الأنظار إلى قضية أخرى لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالموضوع . السياق كله حول سورية ومذابحها من الأطفال والنساء والرجال وبلا تمييز ، وكل الأمم تستنفر كل أشكال الإدانة ، ولكن صاحبنا - وبسذاجة لا علاقة لها بفنون الدبلوماسية وبأساليب المراوغة - يقول للعالم : انظروا هذا عصفور في السماء وهناك صياد يتربص به ! والذي لم أفهمه ما علاقة السعودية أو مصر أو السودان أو غيرها بما يجري في سوريا ؟ وما علاقة كرة القدم وجمهورها من الرجال أو النساء بتساقط الأبرياء أمام المتربصين بالسلاح والنار ؟! ما علاقة وقت الفراغ والمتعة ومشاهدة الكرة أو الاستماع الى الموسيقى بدماء بريئة تملأ الشوارع وتلطخ الجدران ؟ أقول هذا مالم أستطع أن أفهمه ، ولم أجد له تبريرا إلا أن يكون صاحبنا عاجزا عن استيعاب الموقف فلم يفهم أنه أمام قضاة يشكلون موقف أمم، ويضعونه في موقف اتهام عليه أن يدافع عن نفسه ، فعلى العكس يبدو أنه تصور بأنه يجري تسجيلا لقناة عربية فضائية هابطة لا يرى واحداً من جمهوره في عين الكاميرا بينما يراه كل الناس ، أو أن يكون مصاباً بالحول ، يسير خلف جثمان أمه ويبكي خالته.