لم تنفك وسائل الإعلام تنشر بين فينة وأخرى أخبارا مريعة بالنسبة للمستهلكين في البلاد ، خاصة وأنها تمس صحتهم وحياتهم بشكل مباشر ،فهذا مطعم يقدم لرواده لحوماً فاسدة ، وهذا بوفيه يقدم وجباته بزيوت منتهية الصلاحية ، وما بين جهود محدودة أمام اتساع رقعة المملكة وكثرة المطاعم والبوفيهات في مدنها وقراها ، تبقى صحة المواطن وحياته رهناً لضمير ذلك العامل الذي يقدم للناس الوجبات في ذلك المطعم أو ذلك البوفيه. هاجس الخوف ، وغياب المصداقية أفرزتا أسئلة عدة أهمها :ترى أين تذهب ؟ وهل تتلف؟ وهل رأى أحد يوماً تلك البضائع التي تقدر قيمتها أحياناً بالملايين وهي تتلف؟ أم أنها لا تزال من رفوف المتاجر بتواريخها المنتهية والتي يستطيع المستهلك أن يكتشفها بسهولة ، لتعود إليه ويتناولها من حيث لا يدري . دردشة مع صاحب بوفيه في حي الملز في الرياض ، أوحت إلى أن بعض مندوبي شركات المواد الغذائية يعرضون بضائعهم المنتهية ، أو تلك التي بقي من عمرها يومان أو ثلاثة بأسعار زهيدة لا تتجاوز سعرها الذي تباع به في المحلات. في رده على تساؤلات "الرياض" ، طمأن المهندس سليمان بن حمد البطحي مدير عام صحة البيئة التابعة لأمانة منطقة الرياض المواطنين والمقيمين أن عملية استخدام المواد الغذائية المنتهية الصلاحية في بعض البوفيهات لا تشكل ظاهرة يمكن ملاحظتها . وأشار إلى أن فرق المراقبين الميدانيين تقوم بعملها بشكل يومي، وتكثف زياراتها للمطاعم والبوفيهات للتأكد من سلامة الغذاء المقدم للمستهلكين..واستبعد البطحي أن يكون جميع البوفيهات تعمل على تصريف بعض المواد المنتهية الصلاحية كالدجاج والزيوت من خلال استخدامها وتقديمها مباشرة للمستهلك ، وقال إن الأجهزة التي يتعامل بها المراقبون الميدانيون، والخبرة التي لدى غالبيتهم كفيلة بأن تحدد ما إذا كانت هذه اللحوم أو ذلك الزيت منتهي الصلاحية بالفعل أو غير صالح للاستهلاك، وقال إن البيطريين الذين يشتبهون في اللحوم أو الدواجن يقومون بحجزها وأخذ عينة لفحصها ثم يتم تقرير مصيرها بناء على نتائج الفحص ،حيث يتم إتلافها إذا ثبت عدم صلاحيتها وتستكمل الإجراءات النظامية لقاء ذلك مع بلاغات المواطنين ، ومحاصرة المخالفين. المطعم الشهير في شارع التحلية لحظة إغلاقه وأكد أن عمليات طوارئ صحة البيئة تتلقى في الشهر قرابة 1600بلاغ ، مما يشير إلى تنامي الوعي لدى المواطنين ، وإلى الثقة في أن تلك البلاغات تجد تفاعلاً ميدانياً وبشكل سريع. وشكل إغلاق الجهات الأمنية يوم السبت الماضي مطعما شهيرا بشارع التحلية بالرياض صدمة للكثير من المواطنين والمقيمين الذين كانوا يتباهون في الالتقاء بأصدقائهم في ذلك المطعم ..فقد مثل ذلك الخبر صدمة للحريصين والواعين الذين يتمنعون عن الأكل في البوفيهات والمطاعم الصغيرة خوفاً من عدم النظافة بها ، وكذا خوفاً من التعرض للتسمم. لكن ثلاثة أطنان من اللحوم والأجبان والصلصات كانت في المناطق الخلفية للمطعم تنتظر تجهيزها وإعدادها لتستقر في بطون الزبائن الذي ألفوا المكان ، وتعودوا عليه .جهود رجال صحة البيئة في أمانة مدينة الرياض أحبطت استهلاك تلك المواد الفاسدة .وتعزز هذه الحادثة ما يثار حول مصير المواد الغذائية المنتهية الصلاحية ، فهذه الأطنان الثلاثة من المواد المنتهية الصلاحية لم تهبط من السماء ، ولم تنته وهي في مستودعات المطعم ، فهل تم تسويقها للمطعم بأقل من ربع سعرها كما يتداول الناس؟ أم أن لذلك قصة أخرى؟