طالب الشاعر عبد الرحمن الشمري أعضاء لجنة تحكيم مسابقة شاعر المليون عبر برنامج (المغاني) -الذي تم استحداثه هذا العام على هامش المسابقة- بالتعامل بإنسانية مع الشاعر المُشارك وعدم استخدام القسوة النقدية معه مراعاة لأهله وأبنائه وقبيلته الذين يُتابعونه، وفي اعتقادي أن تحقيق هذا المطلب لا يمكن تنفيذه إلا بطريقة واحدة وهي الاستغناء عن أعضاء لجنة التحكيم، لأن النقد الجريء للشاعر ومُصارحته بجوانب الضعف في قصيدته أو أداءه لا تتنافى أو تتعارض مع الإنسانية، فما دام قد رضي بالجلوس أمام لجنة التحكيم فعليه أن يتقبل كل ما يصدر منها من ملاحظات وأحكام. وكذلك أعتقد بأن أي لجنة تحكيم شعرية سيختل عملها بتواجد عضو ضعيف أو خجول لا يمتلك الجرأة على مواجهة الشاعر بعيوب قصيدته، أو يضع في ذهنه اعتبارات خارجية عند نقد ما يُعرض عليه من أشعار، صحيح أن حساسية الشاعر الشعبي لا تزال شديدة جداً تجاه النقد،بدليل السخط الذي يصبه كثير من الشعراء على لجان التحكيم بعد خروجهم من برامج المسابقات، إلا أن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون سبباً في خضوع الناقد لرغبة الشاعر أو رغبة من يُتابعه، ولا يُمكن النظر للنقد على أنه تجريح إلا حين يتجاوز حدود القصيدة ليتحول إلى هجوم على شخص الشاعر أو حين يقوم أحد أعضاء لجنة التحكيم بالسخرية بالشاعر والتبرع بنصحه بترك الشعر والتفرغ لأمور أخرى أكثر أهمية كما حدث من قبل..! في المرة الأولى التي قرأت تصريح الأخطل حين قال: (نحن معاشر الشعراء أسرق من الصاغة) استفزني هذا الاعتراف وظننته يحمل أقصى درجات الوقاحة و"قوة الوجه"، أما اليوم ومع كثرة السرقات الأدبية فقد زاد إعجابي بالأخطل وباعترافه الجريء وبسرقات شعراء ذلك الزمن، فسرقاتهم كانت تأتي لطيفةً وخفيفةً وتدل على ذكاء وذوق رفيع واحترام للمسروق منه، ومن النادر أن تكون سرقة الشاعر الحقيقي آنذاك ثقيلة وغبية و(فاضحة) كما هو الحال في سرقات بعض مؤلفي ومُستشعري هذا الزمان ممن يتضح مدى قناعتهم بإتباع سياسة "سرقة الجمل بما حمل"..! أخيراً يقول المبدع فيصل السواط: يا كثرهم قدّام عيني ولا اخترت إلا أنت يجبرني عليك اختياري إن شفتك بعين المحبه تشجّرت وإن غبت عني صرت كلي صحاري!