طالب أكاديمي بالاستقلالية المالية والإدارية للجامعات السعودية ، مؤكداً على أن الاعتماد على ميزانية الدولة يكتنفه تذبذبات قد لا تضمن للجامعة الاستقرار المالي الذي يساعدها على التنافسية على المستوى العالمي أو المستوى المحلي. وقال الأكاديمي الدكتور إبراهيم البعيز ان الجامعات العالمية أدركت منذ وقت مبكر أهمية الاستقلالية المالية لضمان الانجاز العلمي وحرصت على الأخذ بمبدأ الأوقاف فجامعة هارفارد الأمريكية التي تصل قيمة أوقافها إلى 32 مليار دولار وبالتالي فهي تزيد عن رؤوس أموال جميع البنوك السعودية مجتمعة. الاعتماد على ميزانية الدولة لا يضمن للجامعة الاستقرار المالي المساعد على التنافسية الخطاب الأكاديمي وأوضح الدكتور البعيز أن الخطاب الأكاديمي شهد مؤخرا عددا من المفردات والمصطلحات التي تنم في مجملها عن رغبة في التميز في أداء الجامعة لرسالتها، بكل أبعادها التعليمية والبحثية والاجتماعية، ومن ذلك تسابق بعض من جامعاتنا وتنافسها للفوز بمراكز في التصنيفات العالمية، وإطلاقها عددا من المبادرات للكراسي البحثية، وإعادة هيكلة الخطط الدراسية للكثير من برامجها الأكاديمية لتفي ببعض من متطلبات الاعتماد الأكاديمي. وزاد: " هذا التميز له شروط ومتطلبات تتجاوز مجرد الرغبة والتمني، ومن ابرز هذه المتطلبات ان يكون للجامعة استقلاليه إدارية ومالية ، وهذا ما تفتقده وللأسف كل الجامعات السعودية، والاستثناء الوحيد في ذلك جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية . وبين انه بسبب الاعتماد الكلي على ميزانية الدولة، فقد كانت ابسط أساسيات التعليم والبحث العلمي تحت رحمة موارد ومصادر مالية يتحكم فيها مسئولو وزارة المالية، أما مدراء الجامعات فلم يكن بأيديهم سوى التسلح ببعض من عبارات الترجي ومهارات الإقناع. د. إبراهيم البعيز وتابع : " النسب الكبرى من ميزانية الجامعة عادة تذهب إلى بنود للرواتب والمشاريع الإنشائية، أما البحث العلمي ومتطلباته فتكون في الغالب الأعم في أسفل القائمة، ولا تخصص له موارد مالية تتناسب وأهميته المتنامية كأحد المحاور الأساسية لرسالة الجامعة. هذا من ناحية، من ناحية أخرى فإن الاعتماد على ميزانية الدولة يكتنفه تذبذبات قد لا تضمن للجامعة الاستقرار المالي الذي يساعدها على التنافسية على المستوى العالمي أو المستوى المحلي على اقل تقدير. واستدل الدكتور البعيز على ابرز الشواهد على ذلك في أن الجامعات السعودية اضطرت خلال تسعينيات العقد الماضي إلى تخفيضات هائلة في بنود البحث العلمي، ومنها على سبيل المثال عجز المكتبة المركزية في إحدى الجامعات عن تجديد اشتراكها في عدد من الدوريات العلمية. الجامعات العالمية ولفت الدكتور البعيز إلى أن الجامعات العالمية وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية أدركت منذ وقت مبكر أهمية الاستقلالية المالية لضمان الانجاز العلمي، وحرصت هذه الجامعات على الأخذ بمبدأ الأوقاف كمصدر لموارد مالية تتسم بشيء من الاستقرار، ولدعم الأقسام والكليات على تبني مبادرات علمية وتعليمية لا تزيد من الأعباء المالية على ميزانية الجامعة. ومضى الدكتور البعيز إلى القول ان الجامعات تتفاوت في حجم القيمة السوقية لأوقافها، حيث تبدأ من جامعة هارفارد الأمريكية التي تصل قيمة أوقافها إلى 32 مليار دولار " تزيد عن رؤوس أموال كل البنوك السعودية مجتمعة" وتصل إلى 594 مليون دولار في جامعة نورث وسترن الأمريكية. وتعمل الجامعات على تنمية هذه الأوقاف من خلال الهبات والتبرعات التي تحصل عليها نتيجة جهود حملاتها المستمرة والموجهة إلى خريجيها وإلى الشركات التجارية والمؤسسات الخيرية. وأشار إلى أن جامعة ييل مثلا استطاعت على الرغم من الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي - أن تنهي حملة تبرعاتها شهر يونيو الماضي بجمع 3.881 مليارات دولار. وجامعة أخرى مغمورة تمكنت العام الماضي من جمع 620 ألف دولار من تبرعات خريجيها (دفعة 1958). وقال : " يتم استثمار هذه الأوقاف من خلال شركات تابعة للجامعات، والاستفادة من ريعها في تمويل مشاريع ومبادرات أكاديمية، وغالبا ما تتبنى الجامعات أنظمة وقوانين تضمن استمرارية وديمومة هذه الأوقاف، وبما ينسجم مع طبيعة المشاريع العلمية التي تسمح بالتوقف أو نقص الموارد المالية لضمان المأمول من نتائجها. وتشير المراجعة لتجارب عدد من الجامعات أن أوقافها تحقق إيرادات تصل إلى 10%، يتسم صرف نصف هذه الإيرادات، وإعادة استثمار النصف الآخر بما يضمن النمو لهذه الأوقاف. المستوى المحلي وعلى المستوى المحلي قال الدكتور البعيز ان لجامعتي الملك فهد للبترول والمعادن والملك سعود الريادة في إدخال مفهوم الأوقاف الجامعية من خلال مشاريع الكراسي الوقفية البحثية. كما قامت جامعة الملك سعود مؤخرا بالبدء في مشرف وقف الجامعة الهادف إلى تعزيز الموارد المالية الذاتية للجامعة، والمساهمة في الأنشطة التي من شأنها دعم أنشطة البحث العلمي فيها. وأشار الى من ابرز المعالم الرئيسية لأوقاف جامعة الملك سعود مشروع “أبراج الجامعة” يمثل المرحلة الأولى لمجموعة من مشاريع أوقاف الجامعة، ويقع في الركن الجنوبي الغربي من أرض الجامعة على تقاطع طريق الملك عبدالله مع طريق الملك خالد. وتقدر حجم الاستثمارات لهذه المرحلة من أوقاف الجامعة بثلاثة مليارات ريال، والمرحلة الثانية ستكون على طريق الأمير تركي الأول وتقدر قيمتها بستة مليارات ريال.