جميعنا يعرف كم هو الكون ضخم وشاسع (ولكن صدقوني) قليل منا يستطيع تخيل ذلك.. حتى استخدامنا "للسنين الضوئية" يصبح مجرد أرقام لا تعني شيئا بمجرد مغادرة مجموعتنا الشمسية والوصول لأقرب نجمة إلينا. وقبل أن آخذكم في رحلة لأطراف الكون دعونا نتفق أولا على الانطلاق بطريقة تصاعدية بدءا من الشمس والكواكب التي تدور حولها، مرورا بالنجوم في مجرتنا، وصولا الى تجمع المجرات في مجموعات أكبر وأكثر! والآن؛ تخيل انطلاقنا من الشمس بمركبة فضائية تسير بسرعة الضوء (التي تقطع في كل ثانية 300 ألف كيلومتر).. في هذه الحالة سنتجاوز بسرعة عطارد وفينس بحيث نصل إلى الأرض (ثالث كوكب من الشمس) خلال ثماني دقائق فقط! ثم نسير لمدة خمس ساعات و31 دقيقة حتى نصل إلى بلوتو آخر كواكب المجموعة الشمسية، التي نبدأ بالخروج منها! وتستمر مركبتنا في السفر بسرعة الضوء بحيث تصغر الشمس بالتدريج حتى تصبح مجرد نجمة في السماء (في حين تختفي تماما الكواكب حولها)! وتمر أول وثاني وثالث ورابع سنة في فراغ تام حتى نصل في خامس سنة إلى أقرب نجمة إلينا (وتدعى الفاسنتاري)! وبعد تجاوزها نستمر في السفر لمدة 1000 سنة حتى يبدو لنا جزء من الذراع الخارجي لمجرتنا الصغيرة درب اللبانة (التي تتخذ شكلا حلزونيا تستقر شمسنا في طرفه الباهت). ونحتاج للابتعاد مسافة 100 ألف سنة ضوئية أخرى حتى نرى المجرة كاملة كقرص حلزوني (يزدحم مركزها بالنجوم ويضيء بشدة مقارنة بالأطراف). ولاحظ أن مجرة درب اللبانة (رغم أنها من أصغر مجرات الكون) تضم لوحدها أكثر من 95 بليون نجمة (2500 منها فقط تبدو واضحة للعين المجردة ويمكننا رؤيتها في ليلة صافية)!! وعند هذه المرحلة؛ إذا شبهنا مجرة درب التبانة بقرص الخبز، تكون الشمس بحجم ذرة ملح تلتصق بطرفه الخارجي! وبعد خمسة ملايين سنة ضوئية سنرى تجمعا من 30 مجرة تعرف مع مجرتنا ب(المجموعة المحلية) كونها تقترب من بعضها كمجموعة مصابيح في ثريا صغيرة! وبعد 500 مليون عام يصبح واضحا أن هذه المجموعة "المحلية" تأتي بدورها ضمن تجمع أكبر يضم أكثر من 2000 مجرة ضخمة (بعضها حلزوني وبعضها كروي وبعضها عشوائي)! وبعد 10 بلايين عام تصبح السماء مليئة (لا بالنجوم والمجرات، بل بتجمعات مجرية) يتجاوز عددها البلايين تتناثر في أرجاء الكون! وبعد 100 بليون عام ستبدو هذه التجمعات المجرية كنجوم صغيرة متفرقة يصعب إحصاؤها، في حين يصبح بعضها عصيا على المشاهدة بسبب البعد الهائل. وبعد 150 بليون عام نصل الى نهاية الكون الذي نعرفه وتمكنا من رصده حتى الآن (علما أنه قد يمتد لمسافات أبعد، أو إلى ما لانهاية)! وداخل الحدود المعروفة للكون أضرب (بلايين التجمعات المجرية) في (بلايين المجرات الكونية) في (بلايين النجوم داخلها) لتكتشف عدد الكواكب المحتملة حول النجوم! وكل هذا الاتساع والضخامة والوفرة تجعل كوكب الأرض بالنسبة للكون أصغر من أي بكتيريا يمكن رؤيتها تحت المجهر. أما من حيث (العدد) فأصبح مؤكدا أن عدد النجوم والكواكب - التي لا يمكن رؤيتها - أكثر من حبات الرمال على كل شواطئ العالم مجتمعة! هل تذكرون القسم الثاني من الآية: (وإنّهُ لقسَمٌ لوْ تعْلمُون عَظِيم).