قام فريق من العلماء، من بينهم أحد العلماء من جامعة زيورخ، بالكشف عن حقيقة تركيب درب التبانة، وذلك باستخدام تكنولوجيا الأشعّة تحت الحمراء، وهو اكتشاف يُمكِّن الباحثين من رسم خارطة متكامِلة، لأذرُع تلك المجرة، وعددها أربعة تراكيب من الأذرع الحلَزونية غريبة الأطوار. ويُشار إلى أن مركز درب التبانة ظلّ مجهولا، إذ لم يكُن بالمقدور رُؤية مركز المجرة، بسبب إحاطته بسُحب الغبار والغاز، التي تحجب الضوء، إلا أن العُلماء تمكّنوا من التغلّب على هذه المُعضلة باستخدام الأشعّة تحت الحمراء، المسلّطة من قمر صناعي. ومن المعلوم أن مجرّة درب التّبانة أو اللّبانة، كما يسميها البعض، تضم، بالإضافة إلى أرضنا وشمسنا، كمّا هائلا من النّجوم، وهي تتبع عائلة المجرات الحلَزونية القضيبية، حيث تأخذ هيئة قرص مسطح، ولها مركز مفلطح، تلتف حوله أذرُع حلَزونية، تتألف من عدد هائل من النّجوم والغازات والأتربة الكونية السائبة، ويبدو الذّراع في السماء على شكل حِزام من الضّوء المتقطّع. ويعزّز هذا الاكتشاف، الجُهود التي تقوم بها مجموعة أخرى من الباحثين، فيما يسمّى بالثقب الأسود، كما أن هذا الكشف يُعتبر بمثابة فتح يمكّن فريق البحث من معرفة التّوزيع الصحيح للنّجوم وحساب نِسبة تدفّق الغازات الكونية، لرسم صورة متكاملة للأذرع الحلزونية. ومن الجدير ذكره، أنه يوجد لمجرة درب التبانة أربعة أذرع حلّزونية كبيرة، وهي عبارة عن ذِرَاعيْن يتفرعان من كُتلة مركزية مِحورية من النجوم، ويتفرّع عن كلٍّ منهما، ذراعيْن إضافيين من جهة الطّرف البعيد عن المركز. ويمكن للعلماء أيضا من خلال هذا الاكتشاف، تفسير كيف أن أحد الذِّراعيْن الخارجيين، قد انحرف عن مسارِه وأخذ شكل مجرة، وأكّدوا بأن ذلك عائد إلى قوّة الجاذبية للمِحور المركزي. وأكّدت الحقائق ما اعتقده العلماء مؤخرا، من كون قلب المجرة مُتجانِس الشكل. البحث في الثُّقب الأسود يُعدّ المهندس المعماري بيتر انغلمايير، من معهد الفيزياء النظرية في جامعة زيورخ واحدا من أبرز أعضاء الفريق الخاص برسم الخرائط، إلى جانب باول مارتن، من جامعة ولاية أيووا الأمريكية، ونيكولاي بيسانتز، من جامعة روهر في مدينة بوخوم الألمانية. مهمّة هذا الفريق، رسْم أحدث الخرائط الفلَكية، وهو على اتِّصال دائم بفريق آخر من العلماء في فرنسا، مهمّته العُكوف على دراسة الخرائط الجديدة والاستفادة منها في تعقب وتحليل مكوِّنات الثُّقب الأسود، الذي هو عبارة عن كُتلة سوداء معتّمة، يكتنفها الغُموض والإثارة، وهي في غاية الضّخامة بالمقاييس الكونية. ويُعتقد أنها تشكِّل جزءا شاسِعا من الفضاء الخارجي، وينظر إليها على أنها مقبَرة للأجرام السماوية الهرمة. وفي حديث مع سويس انفو، قال انغلمايير: "يُعتقد بأن الأجرام السماوية الهرمة، حين تهوي داخل الثقب الأسود، تبعث أشعّة غاما، ولذلك، يحاول العلماء تحديد طبيعة الثُّقب الأسود في درب التبانة عن طريق رصد انبعاثات تلك الأشعة". ويضيف: "يمكنهم – أي العلماء - استخدام خرائطنا لمُعاينة ما يجري في قلب مجرة درب التبانة وجمع المعلومات عن الثقب الأسود". ويُعتبر درب التبانة، الذي يحتوي على منظومتنا الشمسية، أكثر المجرات التي تنال اهتمام الدّارسين، حيث من الصّعب مُعاينة غيره من المجرات، نظرا للبُعد الشاسع بيننا وبينها. ويرى العلماء أن دراسة مجرتنا سيُساعدنا في التعرّف على تراكيب ومكوّنات المجرات الأبعد. مسار تصادُمي وعلى صعيد آخر، أشارت الدِّراسة الصَّادرة عن مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية، إلى أن درب التبانة قد يكون أكبر مساحة وأعظم كُتلة، إذ تزيد مساحته بنسبة 15٪ وكتلته بنسبة 50٪ عن آخر التقديرات. ولقد أضحى بإمكان الباحثين رسم خارطة أو نموذج ثُلاثِي الأبعاد لمجرتنا، عن طريق حساب موقع النّجوم من نِقاط متعدّدة على مدار الأرض حول الشمس. من المعلوم أن المجرّة تدور حول نفسها، ولقد تمكّن العلماء بواسطة هذه البيانات الجديدة، من معرفة أن هذا الدّوران المغزلي، تبلغ سرعته 100000 ميل في الساعة، أي أكبر ممّا كان يُعتقد حتى عهد قريب، وهذا يعني أن درْب التبانة قد يصطدِم بمجرة الاندروميدا المجاورة له، وهي أقرب المجرات إلى مجرتنا في وقت بات وشيكا أكثر ممّا كان متوقّعا. بيد أنه من المتوقّع أن هذا التَّصادم "الوشيك"، لن يحدث قبل ملياري أو ثلاثة مليارات سنة من الآن. سويس انفو - ماتيو آلّن - زيورخ --------------------------------------------------------------------------------