أدخلني حبكِ.. سيدتي مدن الأحزانْ .. و أنا من قبلكِ لم أدخلْ مدنَ الأحزان.. لم أعرف أبداً.. أن الدمع هو الإنسان أن الإنسان بلا حزنٍ ذكرى إنسانْ.. "نزار قباني" ربما ربما هناك من سيسألني السؤال الذي انتظرته من الجميع .... وربما أن هناك من يراني وينسى أن يسألني كما نسي الآخرون .... وربما أنا الوحيد الذي يعرف السؤال ويعرف الجواب ... وربما .... وربما ..... وربما .... وخلف كل كلمة ربما تكون قصتي التي لا يعرفها أحد سوى أنا !.... أرواح هاتفني صديقي الأول وقال لقد مات والدي وستقام عليه الصلاة بعد صلاة العصر .... وبعد بدقائق هاتفني صديق آخر ليبشرني بقدوم مولودته .... عزيت من مات أبوه وهنأت من رزق بطفلة .... وقلت لنفسي :- هناك روح قد رحلت وهناك روح قد قدمت .... وبين الروحين آلاف الأرواح العالقة بين السماء والأرض وهناك آلاف الأرواح التي تبكي حزنا وآلاف الأرواح التي تستمتع بالسعادة .... وبين كل تلك الأرواح تبقى روحي لا هي بكت الحزن ولا هي ذاقت الفرح ولامست الأرض ولا هي أصبحت تحت الأرض .... فمن أنا ؟!.... شعور كأن الحياة صامتة والأيام واقفة ... كأن الألم طاب له المكان والزمان .... وكأن أنا لست أنا !.... فقدت لذة الطعام ووفرة البسمة .... شعرت أن هناك أطنانا من الهمّ تسورني .... شعرت أن للحياة منحى آخر مختلفاً عن منحى طفولتي .... شعرت أنني عاري الصدر في صحراء نجد في شهر يناير .... شعرت بكل شيء وبكيت كل شيء حينما وواريت جسد أمي الثرى ..... حين أفقدك حين أفقدك يصبح الموت أولى بي من الحياة ... وحين أفقدك أبحث ساعات وساعات عن اسمي ... وحين أفقدك أعود كما كنت طفلاً لا تلهيه لعبة .. ولا تتعبه دمعة .. فحين أفقدك أسأل نفسي كثيراً لماذا أنا هنا ... وحين أفقدك فلا مكان يضمني ولا زمان يشعرني بوجودي .. وحين أفقدك أفقد عمراً قد كان وأستنكر عمراً قد يأتي من بعدك .. وحين أفقدك أجد وجهك مرسوماً فوق حبات المطر ... وحين أفقدك أنظر إلى الأشياء كما كانت نظرتك .. وحين أفقدك تتغير مواعيدي ويصبح الانتظار موعداً لميلادي .. أسئلة !... سألتني :- هل سيدخل الهواء إلى صدرك إن مت ؟... قلت :- اسألي الله ... فبيده الحياة والموت ... فربما أموت قبلك ... وأترك هواء صدري في صدرك .... وسألتني :- أعشقت غيري قبل أن تعشقني .... قلت ... إن كان كعشقي لك ... فلم أعشق من قبلك .... ثم سألتني :- هل ستعشق غيري إن رحلت ... قلت ... سألتكِ فيما مضى هذا السؤال فلم أجد لديكِ الجواب ... وإنما وجدتكِ قد رحلتِ فعشقتك !.... حين تقرع الأبواب !.... في يوم ماطر والبرد يخشب أعضائي ... قرعت الأبواب التي أعرفها ... ولا مجيب لقرعي !... تلك الأبواب التي أحفظ أسماء سكانها ... قرعت أبوابها ولم يجب لي أحد ... ربما ظنوا إني متطفل يبحث عن الدفء ... أو ربما شحاد جاء ليشحد منهم قطعة رغيف ... أو ربما غريب يبحث عن وسادة زائدة ... وربما عرفوا أنه أنا ... فسموني كل ما خلف ربما !..... صرخت بكل أسمائهم تلك الأسماء التي قالها أبي فضاع صوت مع قرعي على الباب ... أدركت إنني قد رحلت من ذاكرتهم ... وأن هناك ما هو أهم مني في الحياة ... وإنني الوحيد بينهم الذي يحفظ الماضي ... حينها تمنيت إنني كنت يتيم الإخوة !... فوراق هناك ... من حكم شعبه أكثر من ثلاثين عاماً ، ثم قال لهم :- = لقد فهمتكم !.... وهناك من حكم شعبه أكثر من أربعين عاماً ثم سألهم :- = من أنتم ؟!.... وهناك من حكم شعبه بضع سنين ، ثم قال لهم :- = لا تنسوني من دعائكم !.... مجرد حروف متلاصقة !.... (1) لا تبتسم حين تراني ، أرفع يدك عن مصافحتي ، كل ما أرجوه منك ، أن تدلني الطريق فقط !... وإن لزم الأمر ، فاصفعني على خدي ، لأعرف أين يكون الاتجاه ... (2) لا تتوقع أن يأتي الغد بلباس اليوم ، فالغد سيأتي ناقصاً هذا اليوم !... (3) لا يعنيني شيء إن تركتها ... مثلما لا تعنيني الحياة برمتها !.... (4) قالوا :- = حين رحلت ، تركت لنا قلباً ينبض ، ولم تترك عليه اسماً ، فاحترنا لمن هذا القلب ، واتفقنا جميعاً أن نأكله ... نظرت إليهم وقلت :- = لذا أنا أحبكم جميعاً .... وكعادتها هي ... أنفضوا من حولي جميعاً !.... (5) حين يسألوك عني ، لا يوقف الصمت عن سرد الحقيقة ، قولي لهم :- = تركت جسده مسجى ورحلت ، ابتعدت عنه حتى ضاعت الطرق مني وتشابهت ، ونسيت أن أرد له روحه العالقة بي !....