في المناخ الصحي للصحافة السعودية التي تعكس الوعي الذاتي لزملاء المهنة وما يتسمون به من موضوعية الطرح والمكاشفة بحثاً عن الحقيقة في تصويب أمر، أو إجلاء حقيقة؛ كان لا بدّ من حاضن غير مؤسساتها التي شرعت الدولة برعايتها أدبياً ومعنوياً كي تبقى نزيهة وحيادية. وهنا سجل صحافيو المملكة بكل فخر واعتزاز رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للصحافة بشكل عام وللصحافيين بشكل خاص وهو - حفظه الله - ما يحلو لهم بتسميته أمير الصحافة لمتابعته المستمرة لها، ولهم، وانحيازه الكامل لجسم الصحافة الحرة الواعية والمسؤولة. فعلاقة الأمير سلمان بالإعلام بشكل عام وبالصحافة بشكل خاص علاقة أبوية، فهي ليست علاقة مسؤول يأمر وينهي، بل علاقة صديق موجِّه ينقد، ويتفاعل، ويفرح لإنجازاتها، ويصوّب هفواتها. ولهذا يحمل الصحافيون القدامى والجدد على حدّ سواء للأمير سلمان كثيراً من الحبّ والتقدير والإعجاب لمواقفه المتميزة معهم؛ ليقوموا بدورهم التنويري والفكري في إيصال صوت الوطن خالصاً من الشوائب في عصر كثرت فيه وسائل الإعلام، وتعدّدت أهواؤها ومشاربها. لم يضع الأمير سلمان (خطاً أحمرَ) أمام أيّ صحافي سوى الحقيقة بعيداً عن التهويل والتبرير، فقد كانت علاقته بالصحافة - ولا تزال - علاقة قوية، نمت وترعرعت في جوّ من الصداقة وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتق الصحافيين لأنهم النبض العام للمجتمع، ومزاج المواطن الذي يمثل الرأي العام الذي يجب أن يصل لأذن المسؤول بكلّ أمانة وموضوعية. لقد امتلك الأمير سلمان بن عبدالعزيز رهافة الحسّ، والتقاط نبض المواطن فكان قريباً منه أكثر من نفسه. وكانت الصحافة جسراً لهذا النبض، وما يُعرف عن الأمير سلمان أنه مستمع جيد، يصغي باهتمام، ويقرأ ما بين السطور؛ فارتبط اسم سموه بالصحافة ارتباطاً قوياً فوقف قلباً وقالباً، داعماً وموجِّهاً للصحافيين بمواقفه المعروفة، وبلاغته المعهودة، حتى غدت أحاديثه، وتصريحاته الصحافية، وتوجيهاته لهم؛ عناوين رئيسية وخطة عمل لهم يسيرون عليها مستلهمين آراءه وملاحظاته الأبوية القيّمة، فهو كما قال - حفظه الله - في رعاية حفل تكريم صحيفة «الرياض» كأفضل صحيفة عربية: "علاقتي مع الصحافة وثيقة فأنا ناقد ومؤيّد، عندما أرى شيئاً أعتقد أنه يجب أن ينقد، وإن اقتنعوا فهذا طيب ولله الحمد، كذلك سبق أن قلت إنني أقرأ في الغالب كلّ المقالات في الصحف التي لها صلة بعملي، أو بالعمل العام؛ وإن وجدت نقداً هادفاً شكرت صاحبه لأنه يعطيني الحقيقة، وإن وجدت نقداً لم يتحرّ صاحبه الحقيقة وجدتها فرصة أن أصحح ما قال وهذا فيه فائدة". وفي زحمة اهتمامات الأمير سلمان وأعماله اليومية، الوظيفية الكثيرة واهتماماته الإنسانية، ومهامه السياسية لا يدّخر جهداً في اقتطاع وقت كاف للاطلاع على أنشطة الإعلام والصحافة، ومتابعة نشاطاتها وما ينشر فيها ضارباً المثل لكلّ مسؤول في المتابعة والبحث والتدقيق موجِّهاً، شاكراً، ناقداً، ومتابعاً لكل ما يُنشر ويهمُّ الدولة والمواطن على حدّ سواء فهذا من أبسط واجبات المسؤول لاستشعاره بعظم المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه. يقول - حفظه الله - في حفل توزيع جوائز «الرياض» السنوية لتكريم المتميزين في المجال الصحافي: «أنا أجلّ وأحترم صحفيي بلادي، وصحفيي دول الخليج، وصحفيي الدول العربية بصفة عامة، وأكنّ لهم كلّ الاحترام، وفي نفس الوقت أشجعهم وألومهم.. إذا أحسنوا شجعت، وإن اعتقدت أنهم أساؤوا لمت.. ولكن والحمد لله أجد منهم دائماً التجاوب لأن حسن النية موجود بيني وبينهم ولأنّ الثقة ولله الحمد موجودة..» ومنذ بدايات العمل الصحافي الأولى في «الرياض» كان الأمير سلمان سباقاً لرعاية واحتضان كل ما يخدم الإعلام والصحافة ولا أدلّ على ذلك ما نوه عنه الأستاذ تركي السديري رئيس تحرير جريدة «الرياض» ورئيس هيئة الصحافيين السعوديين بالرعاية الكريمة التي تجدها صحيفة «الرياض» والإعلام السعودي عامة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حين قال: "الأمير سلمان بن عبدالعزيز لن أقول كان معنا، بل كنّا معه في كلّ مكان يريده من تطوير وتقدّم بما جعل «الرياض» بتفوقها ليست المرفق الوحيد الذي حقّق التقدم... وأنا منذ عرفت الصحافة وأنا أعرف أنّ مواقف سموه، ودعمه، وحرصه على أن تكون الأمور كلها بعقلانية في كلّ مستويات العمل". والأمير سلمان يحثّ جميع المسؤولين إلى عدم قطع صلتهم بالصحافة بل دعاهم إلى التقرب منها والاستفادة من طرحها في إيصال المعلومة الصحافية لطالبها استشعاراً للمسؤولية تجاه المواطن الذي من حقّه أن يعرف الحقيقة بعيداً عن التناقضات وبما يوسع دائرة القراءة والمتابعة سعياً إلى أداء الواجب بأحسن صوره. وإذا كان العمل بمبدأ النقد مطلوباً فإنّ من الواجب أن يكون هذا النقد كما يوجِّه سموه بعيداً عن التجريح، والتشهير، أو التشكيك في المبادئ والثوابت؛ لأن: «النقد الهادف مُرحَّب به ونؤيده ونستفيد منه» - كما قال سموه -. إنه سلمان بن عبدالعزيز، رئيس التحرير الأول في الصحافة السعودية كما يُطلق عليه، وكما يُطلق هو على نفسه معلقاً في مناسبة جمعته بالإعلاميين في جريدة «الرياض» بأنه: "رئيس التحرير ولكن بعد النشر"، في سرعة بديهة تدلل على حنكته وخبرته - حفظه الله - لأن الصحافة جزء من المجتمع، وتطورها يعكس تطور الوطن. ويصعب على المتتبع والراصد لأعمال سمو الأمير سلمان الإعلامية أن يحيط بها في سطور قليلة ولكن كانت إضاءة لا بدّ منها لتسليط الضوء على جوهر علاقة الأمير سلمان بالإعلام، فهو الأب الناصح، والمعلّم الموجِّه، والحاضن الكبير للصحافة، وهو ما حداه ليخصص حياً شمال مدينة الرياض للمؤسسات الصحافية مجتمعة أطلق عليه (حي الصحافة) فكان عربون محبة ووفاء للصحافة؛ رافعاً من قيمتها، ومكانتها في المجتمع، وبين مؤسسات الدولة. ورغم مشاغل سموه الكثيرة بإمارة الرياض - سابقاً - ورعايته للمدينة ومواطنيها؛ إلا أن الحسّ الإعلامي الساكن فيه لم يفارقه، فأعطى توجيهاته بإصدار مجلة (الإمارة) كأول مجلة تصدر من إمارة منطقة؛ تكون وعاء معلومات خاصاً بإمارة الرياض، وتضم أخبارها، وأخبار المناطق والمدن التابعة لها، فكانت (إمارة) مولوداً جميلاً تابعه الناس بشغف، وتجربة مفيدة نأمل استمرارها على يدي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وتكرارها في مناطق أخرى من وطننا الغالي.