تخرجت «جيهان» -المصابة بشلل في قدميها- من الجامعة بتخصص محاسبة بتقدير جيد، وقد حاولت كثيراً بمقعدها المتحرك أن تبحث لها عن وظيفة تتناسب مع دراستها، وطموحها في أحد البنوك، لكنها لم تجد «بنكاً» يقبل أن يوظفها، حاولت كثيراً أن تكرس سعيها في البحث عن وظيفة في الشركات الخاصة، ولكنها عبثاً كانت تفعل!. تقول «جيهان»: في كل مرة كنت أدخل فيها إلى أحد البنوك أطلب منهم فرصة عمل، كان الجميع ينظر إلى الكرسي المتحرك الذي أحركه بيدي، وفوراً ودون أن ينظروا إلى ما أحمل من أوراق يرفضون التفاهم معي، بل ويطلبون مني مغادرة المكان، مضيفةً: «بحثت كثيراً عن عمل أستطيع من خلاله أن أنطلق في حياتي كفتاة كاملة لا ينقصها أي شيء، ولكن قطاعات العمل ترفض أن توظف معاقة، بصرف النظر عن إمكاناتها الوظيفية وقدراتها»، مشيرةً إلى أن المعاناة كبيرة في الحصول على وظيفة، فنظام العمل لا يلزم أبداً بتوظيف المعوقين في القطاعات الخاصة أو حتى الحكومية بشكل واضح وصارم، بل إننا عرضة لسخرية البعض أو لامتعاضهم، حتى أن بعض القطاعات يقولونها لنا بصراحة: «لم نوظف الأصحاء حتى نوظف العاجزين»!. وتساءلت: لماذا لا نحصل على فرصة في التوظيف؟، إننا نملك طاقات كبيرة، بل وبمقدورنا أن نتحرك، وأن نخضع للكثير من التدريبات التي تؤهلنا، مؤكدةً على أنه إذا أعطي المعوق فرصة لأن يختار ما يريد أن يكون من خلال العمل دون النظرة الجارحة، فإنه سيبدع كثيراً في عمله، موضحةً أن المعونة التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية غير كافية، ونحن بحاجة لأن يمنحنا العالم والمجتمع فرصة حتى نخرج من دائرة المستقبلين للإعانات إلى مواطنين يسهمون في بناء المجتمع، متسائلةً: ما المشكلة في أن أعمل بإمكاناتي في أي حقل؟، وبما أن ذلك الحقل الوظيفي يتناسب مع تخصصي وقدراتي كإنسانة. وطالبت بإيجاد نظام يكفل حق التوظيف والأولوية للمعوقين، فنحن أحوج إلى الأمل وأحوج إلى الحياة وإلى فرصة نشعر من خلالها أننا جزء من هذا الوطن، بل ولدينا القدرة أن نحمله ونرتقي به، مضيفةً: «نريد مراكز للتأهيل، ونريد تدريبا حقيقيا بإمكانات ضخمة، نريد من يهتم بنا ويحولنا إلى قدرات بشرية كبيرة، لا نريد أن ينظر إلينا على أننا مرضى وعاجزون، نريد أن نعمل في الطب وفي المحاماة وفي المحاسبة والهندسة والرياضة والتعليم، وفي كل التخصصات، دون أن نشعر بأن الحصول على وظيفة حلم صعب أن يتحقق، وإن تحقق فإنه في الحدود الضيقة، وكأنه حسنة وليس عمل».