إن من مقاييس وعي أي مجتمع تتمثل في مدى خدمة الأفراد والمؤسسات لهذا المجتمع ووعيه بأهمية هذا الدور ، فلو أخذنا دور الفرد في هذا المجال لوجدناه هو الركيزة التي يجب أن يبدأ منها خطة التوعية بأهمية خدمة المجتمع وضرورته ، إن تراثنا الإسلامي يخبرنا بما كان عليه أسلافنا من تكريس لأبواب الوقف في المنافذ التي تعود على الفرد والمجتمع وغيرها من خدمات للمجتمع الذي بسببه تدور عجلة الاقتصاد وبقوته يحافظ الاقتصاد على نموه وازدهاره ، إذا هناك علاقة عضوية بين الاقتصاد والمجتمع وعليه يجب أن يساهم الاقتصاد في نمو المجتمع وتقدمه من خلال الخدمات التي يقدمها أرباب الاستثمار للمجتمع سواء كانت خدمات صحية أو خدمات علمية أو خدمات إنسانية، وليس بسر أن نقول إننا أقل الدول تفاعلا لجانب خدمة المجتمع والتوعية بأهمية هذا الجانب في صيرورتنا ونمونا خذ السجل المالي لأي مؤسسة تحقق أرباحا فلكية في بلدنا فلن تجد فيها أي بند يسمى خدمات مجتمع أو بحث علمي أو ابتعاث أو غير ذلك من أبواب الخدمات المجتمعية، فتجميع الهلل الباقي من مدفوعات المتسوقين في بعض الأسواق الكبرى لا يكفي كخدمة للمجتمع ، والخدمة كرعاة لبعض المناسبات لا يكفي كذلك ، يجب غرس هذه الممارسة في وجدان الناس وضمائرهم لكي يعوا أهمية ذلك ، يجب أن يعي الطفل منذ نعومة أظفاره عندنا أهمية عدم الكتابة على الجدران، وعدم رمي المخلفات على الأرض ، وعدم الإسراف في المياه ، ومساعدة الغير ، وتحمل المسئولية تجاه الغير.. إن الالتزام بمثل هذه الأشياء منذ الصغر توجد عندنا في المستقبل من يشعر بمسئوليته تجاه أمته ووطنه ، ونوجِد عندنا من يخدم مجتمعه بخدمات جليلة لا يطلب من خلالها أجرا لأنه يؤمن أنها من واجباته الأخلاقية ومسلكه العفوي تجاه مجتمعه ، ولن أشير هنا إلى ما في الغرب من أنظمة تقنن خدمة المجتمع وتدعمه ، ولن أشير إلى ما تقوم به المؤسسات الاستثمارية من دعم للصحة والتعليم والإغاثة والبحث العلمي لن أشير إلى ذلك بل سأذكِّر بما كان يفعله أهل الخير في مجتمعاتنا من دعم للمدارس والمساجد والأوقاف وإغاثة المحتاج وهي مفخرتنا على طول الأجيال.