نشرت جريدتنا هذه يوم الأحد الماضي خبرا جاء فيه (توقع عاملون في قطاع التأمين السعودي فصل نحو 600 موظف سعودي عن العمل وحرمانهم من التعامل المباشر مع العملاء أو حمل الوثائق في القطاع، بعد تعميم مؤسسة النقد العربي السعودي الذي يلزم جميع العاملين في القطاع بحصول موظفي شركات التأمين والمهن الحرة على الشهادة العامة في أساسيات التأمين التي يمنحها المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد وتهدف إلى التأكد من أن جميع العاملين في قطاع التأمين بالمملكة لديهم المعرفة والقدرات اللازمة لأداء مهامهم على أحسن وجه، حفاظا على سلامة السوق وحماية الأفراد والشركات المستفيدة من خدمات التأمين). إذا لم يكن هناك تفاصيل غير التي وردت في بقية الخبر يكون السؤال البسيط. لماذا في الأصل وظفوهم؟ لماذا لم يلحقوا بالدورات أولا ومن يجتازها يأخذ الوظيفة. أحيانا التفاصيل تربكك. تغير رأيك. نصيحتي للإخوة في مؤسسة النقد سرعة تقديم وجهة نظرهم. هذه القضية تراكمية. صارت مربوطة بأيدلوجيا ترعرعت وتنامت منذ عقود. تحولت إلى كرباج يلاحق الدوائر الحكومية والمؤسسات ورجال الأعمال. علينا أن نتدارك الأمر. أصبح الموقف من رجال الأعمال والقطاع الخاص السعودي سلبيا. كل من يتخلص من موظف سعودي يتهم بمحاربة السعودة، وبالتالي يصير خاليا من الوطنية. تحولت من حركة وطنية إلى أيدلوجيا وتعدتها إلى العنصرية. من شدة الحملة الإعلامية التي لا تميز بين حاجة السعودي إلى وظيفة وبين حاجة البلاد للخبرات الأجنبية صار بعض المواطنين ينظر إلى الأجانب العاملين في المملكة كجيش احتلال. إذا استمر مفهوم السعودة السائد الآن سنقع في فخ خطير. ننشئ الأحقاد والكراهية والعزلة. سيتدهور الاقتصاد الوطني. المنافسة مع الأجانب العاملين في المملكة لا تكفي فيها بطاقة الأحوال الوطنية. كل وظيفة لها متطلباتها ووصفها الوظيفي. رغم حديثنا عن التوظيف وحق المواطن في العمل لم نلاحظ نموا حقيقيا في القطاعات المساندة وأهمها التدريب. توظيف القادرين على إنجاز العمل يتطلب مرحلة سابقة. توطين المهارات الحديثة وسعودتها. نقل التكنلوجيا ومفهوم الإدارة الحديث. رغم أن عدد سكان المملكة تضاعف في الثلاثين سنة الماضية وانتقال المملكة إلى عالم جديد لم يتغير مفهوم العمل ويمكن القول ازداد سوءا. لا علاقة بين خريجي السنوات العشرين الماضية وبين حقيقة المهن المعاصرة. قطيعة شبه كاملة. هذا الجيش الضخم من خريجي العقدين الماضيين يحتاجون إلى إعادة برمجة ذهنية. نقلهم إلى الوقت المعاصر الذين يعيشون فيه لنزع مقاومتهم للمهن الحديثة. أصبح مفهوم السعودة (تصارعي) وظف على حساب العاملين الأجانب. صارت المسألة تقاس بالأرقام. ثمانية ملايين عامل أجنبي في مقابل مئات الألوف من السعوديين العاطلين عن العمل. هذا التبسيط المخل هو أخطر ما يروجه الإعلام. في نفس خطورة البطالة. هؤلاء الشباب المهددون بالطرد من مهنة التأمين ضحية وخبر طردهم سيزيد تعقيد الأمور. هذه حالة نموذجية. لا يمكن فصل ستمائة شخص بهذه السهولة ولا يمكن أيضا بقاء ستمائة شخص عالة على قطاع معقد مثل التأمين. على مؤسسة النقد توضيح الحقيقة من أجل الحقيقة أو استجابة إلى توجيهات ولي العهد حفظه الله.