اقترض مبلغا من المال من أجل شراء أثاث جديد لمنزله ووضع كل ما أدخره في التأثيت، حيث اكتمل البناء بعد عناء طويل دام لأكثر من ثلاث سنوات، وما كاد ينتهي حتى بدأ بالمرحلة الثانية وهي التأثيث الذي لايقل أهمية عن البناء. طلب من محل الأثاث أن يكون في مستوى جيد ورفيع وان يتوافق مع الديكورات التي تزين المنزل، ومقابل ذلك يلزم الدفع ولاضير في ذلك حيث انه يقول: منزل العمر. استقر به الحال وأنتقل من الإيجار إلى منزله الجديد وهو مزهو في فرح وسرور بالفرش الجديد والدار الجديدة، ودعا أسرته وأصدقاءه وجيرانه إلى وليمة تسببت في ضعف موارده المالية وأصبح حسب قوله: على الحديدة، وعندما كان منشغلا مع ضيوفه حاول توفير ماتبقي له من مال ومصروف لبيته وأولاده، وبعد انصراف الضيوف من عنده أستسلم لنوم عميق هو وأسرته، وبعد ساعات محدودة كانت سيارات الدفاع المدني تحيط بالمنزل من كل جانب، وما أنجح مهمتهم في السيطرة على الدخان المنبعث من المنزل هو وقوع المنزل على الشارع العام. جلس الجميع وهم مذعورون من الأصوات الآتية من الخارج بضرورة توخي الحرص وأخذ الحذر والحيطة أثناء الخروج لكي لايصاب أحد بأذى من الحريق الذي اندلع في البيت، وبسرعة تحرك الجميع باندفاع إلى الخارج مسرعين وهم في دهشة من أمرهم نظراً لانهم تحت تأثير النوم من تعب ذلك اليوم والإعداد لتلك الوليمة وبين ما تراه الأعين من فداحة الحريق في الجهة الثانية، وبدأ صاحب البيت يراقب منزله وهو يحترق بعين حزينة تدمع وقلب يحترق مع كل قطعة أثاث، وما زاده ألماً وحزناً أنه السبب في اندلاع ذلك الحريق الهائل الذي لم يترك قطعة أثاث إلا وأكلها وحرم صاحبها منها والتمتع بها بعد أن ذاق المشقة والتعب للحصول عليها، وهاهو ذا يدفع ثمن غلطته في ترك سيجارته مشتعلة أثناء نقله بعض الأواني ووقوع تلك السيجارة على الأثاث في غفلة منه تسببت في اندلاع الحريق، وقد عرف أخطارها فهي لم تتسبب فقط في حرق رئتيه وإلحاق الضرر بهما ولكنها قضت أيضا على أثاثه والتهمته بلاخوف منها أو رحمة، فهل سيدع السيجارة وشأنها ويقاطعها إلى الأبد؟هذا شأنه وعليه أن يتحمل تبعات ما أقدم عليه في تلك النهاية المأساوية والخسارة الفادحة.