دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني هكذا يمضي الراحل عبدالكريم الجهيمان تاركاً إرثاً ثقافياً لا يقدر بثمن، بعد أن عاش عمره كله باحثاً ومدققاً وجامعاً لتاريخ من الأمثال والأساطير، جاعلاً منه حياة تتحرك لا مجرد كلمات تكتب. لقد رفع الجهيمان لنفسه ذكراً لا ينضب، بعد أن جعل من نفسه منارة ثقافية وطنية ستبقى شامخة، ما بقي الدهر. وقد أحسنت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عندما بادرت بإطلاق اسم الأديب عبدالكريم الجهيمان على أحد شوارع المدينة، وهي لفتة كريمة تحسب لصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، تحمل داخلها تقديراً كبيراً من قائد ومسؤول لرجل أفنى عمره في ربط المواطن السعودي بجذوره، وتقاليده العتيدة الضاربة في القدم. وإذا كان هناك ما نطالب به، فهو الدعوة لتبني وزارة الثقافة والاعلام المحافظة على موقعه الالكتروني، واستمرارية تطويره، وتزويده بكل ما كتب عن الأديب والمؤرخ الكبير، وحبذا لو جرت ترجمة المحتويات إلى عدة لغات حتى يعرف العالم أنه كان لدينا رجل بقامة الجهيمان، على غرار ما قام به الدكتور شاه رستم موساروف في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه في آداب الشعوب العربية، حين ترجم بعض الحكايات التي أوردها الجهيمان من العربية إلى الروسية، ثم صدرت بعد ذلك في كتاب عن مركز البحوث الإستراتيجية والسياسية في موسكو بعنوان: "حكايات شعبية عربية"، فذاك الإرث تهتم به الشعوب العالمية جيداً، ويعدونه مجداً لا ينفصل عما حققوه في حياتهم المعاصرة. أما الشئ الثاني فهو الأمل في أن تبقى "اثنينية" أبي سهيل ممتدة ومستمرة الانعقاد، يؤمها المثقفون مثلما كانوا في حياته، رحمه الله، حيث اعتاد أن يقيمها في منزله بعد المغرب من كل يوم اثنين، وفي حال استمرارها فإنها ستكون بمثابة المعين الثقافي الذي يغرف منه محبوه ما يعنيهم على إنارة المشهد الثقافي بالمملكة. لا شئ بالطبع يمكنه أن يعوضنا أبا سهيل، لكن شيئا من تلك المطالب التي نعلق عليها آمالنا من شأنها أن تحفظ اسمه للأجيال القادمة، وتجعله دائما حاضراً في أذهانهم، وتعلمهم كيف يمكن لهم أن يثروا حياتهم وحياة من معهم، ويجعلوا لها وجها آخر من الجمال والقيمة العالية. * عضو مجلس أهالي شقراء