رغم الأداء المميز الذي قدمه براد بيت في أفلامه السابقة إلا أنه ظل بعيداً عن حيازة أوسكار أفضل ممثل سواء في دور رئيسي أو ثانوي مكتفياً بترشيحين فقط عن فيلم "اثنا عشر قرداً" وفيلم "الحالة الغريبة لبنجامن بوتن", ويعود ذلك ربما لملامحه الجامدة التي لا تمنحه فرصة المنافسة أمام ممثلين قادرين على تقدم مشاعر مختلفة في الدور الواحد. وهذا يجعله يلتقي مع الأسطورة كلينت إيستوود الذي لم ينل –كممثل- سوى ترشيحين أيضاً عن فيلميه "فتاة المليون دولار" و"لا مُسامح" رغم أدواره الخالدة في تاريخ السينما. بالنسبة للأوسكار, أو أي من التظاهرات السينمائية الكبيرة, فإن معيار التفضيل في الأداء هو قدرة الممثل على التنقّل بين حالات شعورية متنوعة للشخصية الواحدة, من الحب, إلى الكرة, إلى الحزن, إلى الفرح, والبكاء, والضعف والانكسار, والقوة, أي الشخصيات المركبة عموماً, ذات التعقيد والصعوبة, ولهذا يفضل الأوسكار شخصية روبرت دي نيرو في "الثور الهائج" وشخصية مواري آبراهام في "أماديوس" على الشخصيات الثابتة ذات المسار الواحد والتي لا تصعد للأعلى ولا تهبط للأسفل في مقياس الشعور, وهنا بالضبط تتركز مشكلة براد بيت مع الأوسكار. ويبدو أنه تنبّه لذلك في العام الحالي فأعد العدّة مبكراً بفيلمين من العيار الثقيل, هما "شجرة الحياة" و"موني بول-Moneyball". وبسبب طغيان الجانب البصري في الفيلم الأول, فسيكون حضوره الأهم بالطبع مع الفيلم الثاني "موني بول" الذي يؤدي فيه شخصية مدير فريق بيسبول مغمور يُغيّر من فلسفة اللعبة تماماً فيقوى على منافسة الأندية الكبيرة ويسجل رقماً قياسياً في عدد مرات الفوز هو الأعلى في تاريخ لعبة البيسبول الأمريكية. في هذا الفيلم اجتمعت كافة المعطيات التي تكشف نوايا صانعيه لغزو موسم الجوائز الأمريكي, من سيناريو اشترك في كتابته آرون سوركن (الفائز بأوسكار العام الماضي عن فيلم الشبكة الاجتماعية), وستيفن زيليان (كاتب فيلم قائمة شندلر). وإخراج تولى مهمته بينيت ميلر في ثاني أفلامه الروائية بعد فيلم (كابوت) الذي قدمه عام 2005. هذا بالإضافة إلى أن قصة الفيلم من النوع الذي يحوي نضالاً من أجل تحقيق الذات والانتصار بعد الهزيمة, وهو النوع المفضل دائماً للجوائز. إذن.. فكل الأسباب قد توافرت لبراد بيت لكي يحصل على أوسكاره الأول, خاصة أن دوره في الفيلم قد حوى بالفعل حالات شعورية متنوعة, من حالة الانكسار, والهزيمة, إلى الرغبة في التحدي, والإصرار على التفوق, وقد أجاد تصوير هذه المشاعر حتى أصبح بطلاً مُلهماً يبعث الحماسة والأمل في نفس المشاهد. لكن هل هذا يعني أن طريقه نحو الأوسكار مفروش بالورود؟. لننظر إلى أهم منافسيه هذه السنة والذين تم الإعلان عن ترشيحهم للغولدن غلوب قبل أسبوع, وهي ثاني أهم جوائز السينما الأمريكية وبوابة الأوسكار, فبالإضافة إلى براد بيت, فقد ترشح كل من؛ جورج كلوني عن فيلم (الأحفاد-The Descendants), وليوناردو دي كابريو عن فيلم (جي. إدغار-J. Edgar), ومايكل فاسبيندر عن فيلم (عار-Shame), ورايان غوسلينغ عن فيلم The Ides of March. وبتأمل بسيط في هذه الأدوار نستطيع القول إن مهمة براد بيت تبدو صعبة جداً. في عام 1995 خسر براد أوسكار أفضل ممثل مساعد أمام كيفن سبيسي الذي قدم دوراً مميزاً في فيلم (مشتبهون اعتياديون), وفي 2008 خسر أوسكار أفضل ممثل رئيسي أمام شون بين, وفي هذه السنة يبدو أنه سيخسر أمام جورج كلوني تحديداً والذي قدم أداءً كبيراً جداً في فيلم (الأحفاد) بشخصيةٍ تتقلب بين الحب والكره والنُبل ورغبة الانتقام, في عمقٍ لا يستطيع دور براد بيت في "موني بول" الصمود أمامه, رغم ما قدمه فيه من أداء مؤثر وملهم, خاصة في مشاهده مع طفلته الصغيرة ومحاولاته إقناعها بأنه ليس فاشلاً, ومشاهده في سيارته والتي تُترجم قلقه ورغبته الحارقة في الإمساك بالفوز وتأكيد فلسفته الجديدة في إدارة الأندية.