إذن فقد أُسدل الستار أمس عن جوائز الغولدن غلوب ثاني أهم التظاهرات السينمائية الأمريكية بعد الأوسكار بإعلان جورج كلوني نجماً متوجاً لسنة سينمائية متواضعة لم يظهر فيها سوى "حفنة" من الأفلام المتميزة كان أحدها فيلم (الأحفاد-The Descendants) الذي فاز بجائزة أفضل فيلم درامي وهو ذاته الفيلم الذي منح كلوني جائزة أفضل ممثل مكافأة لأدائه الممتاز لشخصيةٍ معقدةٍ حائرةٍ هي دون شك أعمق شخصية ظهرت في 2011 بمشاعرها المتضاربة التي تتقلب بين حُب وكره وعطف وحقد وتسامح ورغبة في الانتقام. لقد فاز كلوني لأنه قدم أداءً جاداً في فيلم يبدو مرحاً ممتعاً في ظاهره، فامتزج الضحك بالبكاء في كوميديا سوداء فائقة "الحساسية" والجمال أبدعها مؤلف ومخرج الفيلم ألكسندر بين يظهر فيها كلوني بشخصية الزوج المكلوم الذي يفجع بدخول زوجته في غيبوبة طويلة فيكتشف أثناء رعايته لها أسراراً مؤلمة تجعله حائراً بين وفائه لها وانتقامه منها، ولم يكن مشهد بكائه أمام سريرها إلا تتويجاً لهذه الحيرة الكبيرة، وهو أيضاً سبب فوزه بالجائزة فجر أمس؛ لأن أداءه فيه كان من النوع الذي لا يمكن تجاوزه دون تكريم. فاز كلوني لأنه لابد أن يفوز فليس من بين منافسيه من يستحق الجائزة أكثر منه، فلا براد بيت في "مونوبولي" ولا ديكابريو في "إدغار هوفر" ولا فاسبيندر في "عار" ولا غوسلينغ في The Ides of March قد وصلوا إلى العمق الذي وصل إليه، إنهم يجرون على السطح بينما غاص هو في الأعماق حتى نفذ إلى "العظم"؛ لذا كان فوزه مستحقاً وحفظ به ماء وجه الغولدن غلوب التي جاءت ترشيحاتها من الأساس غير منصفة، إذ تجاهلت أفلاماً مهمة بالذات في فئة الدراما مثل "عار-Shame" والفيلم المؤلم We Need to Talk About Kevin الذي قدمت فيه المبدعة تيلدا سوينتن أداءً عظيماً لم يشفع لها بالفوز أمام ميريل ستريب التي اقتنصت جائزة أفضل ممثلة درامية عن دورها في فيلم "المرأة الحديدية" والذي وصفه كثير من النقاد بأنه أقل من المتوقع.. ومع ذلك فازت! إجمالاً كان فوز فيلم (الأحفاد) بجائزة أفضل فيلم درامي وجائزة أفضل ممثل لبطله جورج كلوني إلى جانب فوز الفيلم الإيراني الرائع (انفصال) بجائزة أفضل فيلم أجنبي هما النقطتان المشرقتان في حفل الغولدن غلوب، بينما بقية الجوائز كانت باهتة لأنها ذهبت إلى أفضل "السيء" أو أفضل "العادي"، ولتتأمل المرشحين في فئة الأفلام الموسيقية الكوميدية لتدرك كيف كان فوز فيلم The Artist متوقعاً منذ البداية، فأفلام مثل "50/50" وَ"أسبوعي مع مارلين" وBridesmaids لا تستحق حتى مجرد الترشيح ولو أنها ظهرت في سنوات سابقة لما كان لها أي تواجد في موسم الجوائز، لكن ألم نقل منذ البداية أن 2011 سنة سينمائية سيئة.