أي معنى للاستعراض هنا أراده المخرج مارتن سكورسيزي؟. الفيلم حوى قصة بسيطة جداً ومغلقة على نفسها تماماً، وحازت على تقييم مرتفع نسبياً «8.50 من 10 « وإن كان التقييم في بدايته من خلال موقع IMDB. القصة تحكي حكاية طفل مشرد قام بدوره البريطاني «آسا باترفيد» يسكن في محطة القطار ويحاول أن يصلح آلة قديمة ورثها عن والده الميت، عبارة عن مجسم لإنسان قادر على الكتابة، لكن هذا المجسم متعطل تماماً، ويحاول الطفل إصلاحه، ليكتب شيئاً ما، ربما رسالة من والده الميت!. ينقضي الفيلم في ترداد الطفل بين المحطة ومطاردة الشرطي له، والذي لعب دوره الممثل البريطاني «ساشا بارون كوهين»، وبين مشاكسته لمالك أحد المتاجر التي تعنى بإصلاح وصناعة الآلات الميكانيكية -وقام بهذا الدور الممثل البريطاني «بن كينغسلي»- تلك المشاكسة التي لم تكن شقاوة أطفال أو لص مشرد يحاول أن يسد رمقه، بل كانت تحوي هدفاً أسمى أراد تحقيقه طفل عبقري مشرد. حوى الفيلم قفشات هنا وهناك، على غرار الكوميديا الكلاسيكية، ولكن جزئية الاستعراض الأهم في الفيلم، والتي قام بها المخرج العالمي سكورسيزي بأدواته الفنية، هي رغبته في صناعة فيلم من أفلام الموجة الحديثة ثلاثية الأبعاد، تلك التي دشنت مع فيلم «آفتار»، ذروة التقنية السينمائية اليوم، وأراد سكورسيزي من خلالها استعراض شيء من تاريخ السينما القديم. سكورسيزي لم يجنح في فيلمه ثلاثي الأبعاد إلى صناعة عالم متخيل أو وحوش أسطورية، بل اختار حقبة تاريخية تقارب بدايات السينما ليسرد من خلالها القليل عن تطور الخدع السينمائية، من لحظة «الفريمات» واللقطات التي تقطع وتوصل بصورة بدائية مع الأحماض والغرف السوداء المغلقة. أراد سكورسيزي أن يستعرض هذه التقنية العتيقة من خلال أحدث أدوات السينما الحديثة «التقنية ثلاثية الأبعاد». مارتن سكورسيزي كانت تلك – كما أخمن - إرادة سكورسيزي الأساسية، لكنها لم تأخذ حيزاً طويلاً من الفيلم، الذي دشن روعة ديكورات القرن التاسع عشر، وروعة المشاهد من خلال تقنية الثري دي «ثلاثية الأبعاد» للساعات والتروس، والمطحة القديمة، والمعاطف والأزياء التي لم تشاهد من قبل – ربما – بهذا الوضوح والدقة. بين براءة اللقطة السينمائية الأولى في فيلم «القطار يصل إلى المحطة» وخوف المشاهدين من أن يسحقهم القطار من خلال الشاشة، تأتي روعة التقنية الحديث مع الإنسان المعاصر، الذي يدرك الشاشة، لكنه بات يراها في أبعاد مغايرة.. ربما كانت تلك رسالة سكورسيزي في فيلمه العادي من ناحية القصة، والجيد من ناحية أداء الممثلين، ولكنه المميز إخراجياً.