قال الزميل الكاتب الأستاذ فهد عامر الأحمدي إن اختياره للحديث عن (اقتصاد المعرفة) يعود لسببين الأول: إنني دخلت هذا المجال بدون قصد، أما الثاني: فلكونه اقتصاد المستقبل الذي علينا أن تنبه له، فقبل 21 عاما قدمت من أمريكا إلى المدينةالمنورة ومنها إلى جدة للبحث عن العمل، عندما سمعت عاملين عربيين يقول أحدهما ( اللي تغلب به ألعبه) أي ما هو سلاحك وما قدراتك التي عليك اكتشافها لتستغل بها الحياة.. إذ لم أجد في حياتي سوى الكثير من الأفكار التي كنت ابحث عمن يشتريها من الصحف المحلية.. مما جعلني منساقا إليه في البدايات دون قصد وأضاف الأحمدي أن أغلب المقالات السائدة مقالات آراء وتنظير ورأي.. مشيرا إلى أن اقتصاد المعرفة يحتاج إلى المعلومة كأساس وروح لقيامها بوصفها الكيان والجوهر للمعرفة ومن ثم لقيام اقتصادها.. ممثلا بمحرك البحث العالمي قوقل.. الذي لا يوجد له أرض سوى الفضاء الرقمي.. وليس له عمال إلا ظهور الفكرة مما يجعل للمعرفة قيمة انطلاقا من قوله تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) . كما أكد المحاضر أن المعرفة أصبحت بشكل لا يختلف عليه اثنان مجالا للاقتصاد العالمي الأمر الذي يؤكده وجود شركات عالمية ذات قوة اقتصادية لا تملك سوى الملكية الفكرية، أو ما يقابلها في الصناعات من امتلاك حق التصنيع.. منبها إلى أهمية التفريق بين المعلومة والمعرفة، وامتلاك القدرة على تصنيعها وتسويقها.. أما الفضاء الإلكتروني فقد وصفه الأحمدي بأنه فضاء شاعت فيه المعلومة عبر العالم بإشارات إلكترونية . مقالاتي عبارة عن بحوث مصغرة تتطلب مني الجديد يومياً.. والظهور التلفزيوني لا يستهويني ومضى المحاضر قائلا: عندما نمعن النظر في الكثير من المنتجات الصناعية في مجالات الحياة المختلفة نجد أن الفكرة تم بيعها لمن يستثمرها تصنيعيا.. فالعديد من المنتجات الطبية معلومات تم بيعها، وعلينا ألا نستغرب إذا وجدنا من يتنازع على فيروس الأيدز على سبيل المثال، ليظل السؤال: من يملك ماذا؟ ومن هنا علينا أن نقف أمام ما تقوم به الشركات العالمية التي تشتري المعلومة لتستثمرها في مجال التصنيع مما جعل بعض شركات الهاتف الجوال متفردة عالميا إذ تسيطر إحداها على 47% من السوق العالمية. وقال الأحمدي: هناك أسس ومحفزات لاقتصاد المعرفة يعتمد على المساهمة في خلق المعرفة بفكرة مختلفة تصبح سوقا خاصا بصاحب الفكرة المبتكرة، وضرورة وجود علاقة بين المؤسسات الصناعية والأكاديمية والتي بدورها تصب لصالح الجانبين، الاستثمار في المواهب العالية، وجود مجتمع يتقبل الموهبة ويدعمها بوصف الأسر حاضنة المواهب، لكون المواهب لدينا لا تطبق صناعيا، لكون المجتمع بما فيه التاجر والمستثمر غير قادر بوجه عام على استثمار الموهبة.. واختتم الأحمدي حديثه قائلا: المعرفة هي سيطرتك على المعلومة، ومدى قدرتك على الاستفادة منها واستثمارها، إذ لا يكف أن نعرف المعلومات دون أن نخرج منها بأفكار جديدة قائمة على الابتكار والخلق لتزودنا بأشياء جديدة ومختلفة يمكن تطويرها ومن ثم استثمارها، إذ علينا أن نمعن التفكير في كيفية تسخير المعلومة.. جاء ذلك خلال الأمسية التي أقيمت بأحدية الشيخ محمد بن عبدالله البابطين مساء يوم أمس بمنزل البابطين بالرياض تحت عنوان (اقتصاديات المعرفة) والتي استهلها الشيخ محمد البابطين بكلمة رحب فيها بمحاضر الأمسية وحضورها.. حيث قدمها الدكتور محمد القاسم .. بحضور كبير من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين والمهتمين بالشأن الاقتصادي من رجال الأعمال والشأن الثقافي بوجه عام، والتي شهدت جملة من مداخلات الحضور وأسئلتهم.. وفي رد على مداخلة أكد الأحمدي أن مقالاته ليست بالأمر السهل، إذ تمثل بحثا مصغرا يكتبه كل يوم، مؤكدا حرصه على أن يقدم في كل مقال شيئا جديدا، فليس لدي أصدقاء في العالم الحقيقي، أما في عالمي الافتراضي فلدي الآلاف، ورسالتي في الحياة لا أجدها عبر الظهور التلفزيوني، لكونه يهمني عندما يقرأ القراء صحيفة (الرياض) يجدون أنهم خرجوا بمعلومات جديدة.. أما عن إخراج مقالاته في كتب فقال الأحمدي لدي أكثر من 7000مقال ولم أخض سوى إخراج 100 مقال منها في كتاب قبل سنوات، فما لدي يحتاج لتصنيف وتبويب لكي تخرج في شكل أجزاء.