شنّ كتاب مقالة سعوديون هجوماً على أقرانهم في الصحف المحلية، معتبرين أن معظم كتاب الصحف السعودية لا يبذلون أي جهد في كتابة مقالاتهم، وأن كل ما يحتاجونه «قلم وورقة وكأس شاي»، لكتابة مقال مليء «بالتنظير» من دون الاعتماد على «الأساليب المنهجية في الكتابة».واعتبر الكاتب الصحافي فهد الأحمدي، أثناء حديثه في ملتقى «فن المقالة السعودية»، الذي انطلقت فعاليته في جامعة الأميرة نوره بنت عبدالرحمن صباح أمس بالرياض، أن «معظم كتاب الصحف لا يملكون الشجاعة في الكتابة، وأنا واحد منهم!»، معتبراً أن «90 في المئة من الكتاب في السعودية يكتبون المقالة السهلة التي تعتمد على التنظير والرأي، والبقية يكتبون مقالة موضوعية منهجية أشبه بالبحث العلمي المصغر». من جانبه أشار الكاتب نجيب الزامل في معرض النقاش والجدل الدائر حول عناصر الكتابة الأكثر شعبية، إلى أن الكتابات العاطفية عبر التاريخ هي الأكثر تأثيراً في الجماهير، مؤكداً أن أعظم الكتاب في التاريخ هم من خاطبوا العاطفة الإنسانية، والذين عايشوا ما تعانيه مجتمعاتهم، وكتبوا عن همومهم. فيما تطرق الكاتب الدكتور عبدالرحمن الحبيب إلى أزمات المقالة «الشعبوية»، بخاصة «المقالة الخدمية» مؤكداً لعب بعض الكتاب على «وتر العواطف ليحوزوا الرضا الشعبي» مضيفاً: مجرد صيغة أدبية وبلاغية رائعة تجد صدى هائلاً بين الجماهير الناقمة عاطفياً على تلك الجهة المنقودة (الصحة، الكهرباء، المياه، التجارة، المدارس، الاتصالات) لذا لا عجب أن يغدو كتاب هذه المقالات «في مصاف النجوم»... المطلوب فقط «جرأة وخفة دم ومهارات فنية ولغوية». وأكد الحبيب أن الزمن الحالي هو «زمن المقالة»، نتيجة الانفتاح وارتفاع سقف الرقابة، غير أنه قال أن «ذلك لن يدوم طويلاً، ولن يستمر أكثر من ثلاثة أعوام مقبلة، في إحداث الجدل والحراك في المجتمع كما يحدث الآن». وانتقد «الكاتب الذي يطرح نقداً عاماً لا معلومة فيه عن من ينتقده» سوى معلومات متوقّعة غير مؤكّدة ولا موثقة، من فضائيات أو صحف أو كلام فلان وحكي مجالس «قال لي أحدهم»، أو «انطباع شخصي، أو تجربة فردية، أو معلومة رسمية ناقصة»... وكل ما يقوم به الكاتب الناقد هو نقل هذا الكلام ووضع جمل ساخرة للتندر بالخبر بلا تحليل منهجي، ومن دون أن يجهد نفسه بمعرفة معلومات أساسية في الموضوع، أو يبحث في النقص في هذه المعلومة، أو يحاول إضافة معلومات أخرى مستجدة تعطي فائدة. واعتبر الحبيب أن «أغلب المقالات في الصحف السعودية تكتب على طريقة التفكير بصوت عال، وكأن الكاتب يتحدث في مجلس، إذ يضع آراءه من دون إطار منهجي ينظم الأفكار ويعرضها ويحللها ليصل إلى نتيجة مرتبطة موضوعياً بالسياق... وفي مثل هذه المقالات قلما نجد تحديثاً للمعلومات أو أدوات تحليل جديدة أو مناقشة آخر الآراء والنظريات والمستجدات الفكرية». وقال «إن ثقافتنا الشفهية لا تزال تتغلب على ثقافتنا التحريرية، وطبيعة الثقافة الشفهية تتعامل مع الأفكار والمعلومات بارتجال، بينما الثقافة الكتابية تعتمد على التنظيم»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن يتم التدوين بلا تنظيم، في نفس الوقت الذي لا يمكن أن تتم الحوارات الشفهية بلا ارتجال... ومهما كانت أفكار الكتاب ألمعية، ومهما كان الكاتب ذكياً، فإنه من دون تنظيم يصبح عملاً مبعثراً قليل الفائدة ولا يبقى إلا لفترة قصيرة».