تنطلق اليوم في سوريا أول أيام "العصيان المدني" منذ اندلاع الثورة السورية والذي اختارته المعارضة كوسيلة جديدة للضغط على نظام بشار الأسد بعد اشهر من المظاهرات السلمية التي قوبلت بالقتل والملاحقة والاعتقال وانتهاك ابسط حقوق الإنسان من قبل النظام . العصيان المدني الذي لجأت إليه المعارضة يهدف الى تكبيد النظام السوري خسائر اقتصادية فادحة من شانها أن تضعف قوته بعد أن لجأ النظام خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى إشعال حرب طائفية في مدينة حمص للحيلولة دون تدخل خارجي ، التحايل الجديد من النظام السوري لم تغفله المعارضة التي تضم جميع الأطياف بل أن الطائفة العلوية أصدرت بيانا أواخر الأسبوع الماضي تنفي فيه انتماء من قام بإشعال نار الفتنه إليها مشددة في بيانها على أن الطائفة العلوية نالت الكثير من الاضطهاد على يدي نظام بشار الأسد كما نال بقية أبناء الشعب وربما كان العقاب أكبر . السيد: «إضراب الكرامة» يهدف لشل الحركة الاقتصادية وإجبار النظام على سحب الدبابات ووقف العنف والإفراج عن المعتقلين المحلل السياسي السوري محمود السيد من درعا أكد " للرياض " بأن المعارضة السورية اتخذت خطوة " إضراب الكرامة " لشل الحركة الاقتصادية والمرورية والتجارية وأيضا الطلابية وامتناع الموظفين عن للذهاب إلى وظائفهم كوسيلة لإجبار النظام على سحب الدبابات ووقف العنف وإطلاق النار الى جانب الإفراج عن جميع المعتقلين والذي يقدر عددهم بالعشرة ألاف معتقل كوسيلة لفرض عقوبات اقتصادية على النظام من الداخل . وذكر بأن ذلك الإضراب من الثوار جاء لعلمهم التام بأن آخر ما في جعبة الجامعة العربية العقوبات الاقتصادية داعيا الأشقاء العرب إلى الارتقاء لمستوى الحدث ومستوى الدماء التي تسيل بشكل يومي ، لافتا إلى أنه منذ مهلة الجامعة العربية الأولى قبل 50 يوما وتبعتها عدد من المهل التي أعطتها الجامعة العربية للنظام وما حدث بين المهلة والأخرى هناك آلاف من الشهداء والمئات من الأسر المشردة إلى تركيا ولبنان والأردن. وحول ما إن كان العصيان المدني حان وقته في الثورة السورية أوضح محمود السيد بأن الشارع السوري هو يسبق النقاط السياسية والأحداث التي يمكن أن تحدث في حين أصبح الشارع السوري لا يعول على روسيا ولا الجامعة العربية ولا على المجتمع الدولي الذي اعتبره مقصرا تجاه تحمل مسؤولياته إزاء الشعب السوري لكون الوضع الداخلي لسوريا وضع إنساني وصفه بالمزري في مدينة حمص على وجه الخصوص حيث نقص المواد الغذائية والطبية والحاجات الإنسانية الضرورية إلى جانب أن هناك أطفال يموتون ليس برصاص قوى الامن بل يموتون من البرد والجوع، كما لفت إلى هجمة شرسة على حمص من قبل قوات النظام متمثلة في ألف آلية عسكرية تحاصر المدينة وحفر خندق حولها وتوقعات بأن تشن هجمة شرسة خلال الساعات القليلة القادمة مماثلة للتي حدثت عام 82 في حماه . الوضع الداخلي خطير جدا بسبب نقص المواد الغذائية والطبية.. والأطفال يموتون من البرد والجوع وأشار بان المعارضة اتخذت خطوات جديدة في مسار الثورة السورية من اجل إضعاف النظام بعد أن فشلت المظاهر والعقوبات الاقتصادية في إيقاف النظام عن القتل الممنهج ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة بتحول الإضراب إلى عصيان مدني الذي سيؤدي إلى أزمة اقتصادية مالية فضيعة للنظام حينها لن يجد وقودا للدبابات ولن يجد ما يدفعه رواتب للأمن والشبيحة وهذا ما يؤدي إلى انهيار النظام لكنه بشكل بطيء . جدوى " العصيان المدني " وهل ستصل الثورة السورية إلى مقصدها من خلاله ؟ أوضح السيد في هذا الشأن بأن العصيان المدني لا يسقط النظام لكن ممكن أن يضعفه اقتصاديا بشكل جيد وما تراهن عليه المعارضة في الوقت الراهن هو إصرار الشعب السوري الذي لديه من الشجاعة ما يكفي لتغيير هذا النظام والانتقال إلى المجتمع المدني، ولكنه لفت إلى أنهم لا يعلمون إلى متى يتحمل الشارع السوري هذا العصيان في ظل معاناته من أزمة اقتصادية حقيقة خاصة المناطق الساخنة ولكننا بحاجة لنشر رؤيا سياسية طبعا بين كل أطياف الشعب . وكشف محمود السيد " للرياض " عن المسألة الخطيرة التي يدعوا إليها النظام السوري المتركزة على إشعال نار الطائفية والحرب الأهلية بقوله " النظام يريد أن يخلق آلية من اجل أحداث الحرب الطائفية أهلية وفي حالة حدوث حرب أهلية هذا الأمر يحول دون تدخل خارجي وهذا ما يسعى إليه النظام الذي بدأ في حمص يسلح أبناء من الطائفة العلوية ويجندنهم ويعبئ رؤوسهم بأفكار تتلخص بأن السنة إذا تسلموا الحكم في سوريا سيقتلون كل الطائفة العلوية وسيبيدونها وفي حالة زال بيت الأسد لن تشترك هذه الطائفة في المجتمع الجديد ولن يكون لها قوى سياسية النظام يفتعل هذه الحرب الطائفية ونحن نعمل أنه منذ قبل ستين عاما وما قبل حكم البعث لم نجد في سوريا طائفية على الرغم من وجود نسيج متعدد لكن هناك تعايش سلمي مثالي في سوري " . د. عكاشة يرى تأجيل الإضراب حتى استنفاد كافة الفرص والحصول على دعم من القوى الدولية إلى ذلك فإن حركة الحرب الطائفية التي بدأت شرارتها في حمص برزت في قيام الشبيحة والمرتزقة من أبناء الطائفة العلوية بخطف الفتيات واغتصابهن هذا الأمر الذي يستفز أبناء الطائفة الأخرى من السنة بالتصدي لهم واستخدام العنف في مواجهة العنف بيد أن الشعب من خلال مواقفه السياسية والاجتماعية لا يريدون طائفية في حين أصدر الطائفة العلوية بيانا أوضحوا فيه أنهم يتبرؤون مما يفعله بيت الأسد وانه بيت الأسد لا يعبر عن الطائفة العلوية وأنها ليس لديها أي مرجعية، البيان الصادر عن العلوية كان بدون ذكر أسماء مدونيه خوفا من ردة فعل غاضبة من نظام بشار الأسد . محللون سياسيون أكدوا للرياض بان هناك توقعات للضغط على المعارضة السورية لتأجيل العصيان المدني حتى يكون مجديا ويجد دعما من المجتمع الدولي وفي هذا الصدد أوضح المحلل السياسي المصري الدكتور سعيد عكاشة بأنه من المفترض أن يتأجل الإضراب لكون الجامعة العربية مؤيدة من الأممالمتحدة والقوى الكبرى الدولية فيما يبدوا أنها تريد أن تعطي النظام السوري فرصة جديدة حتى تتمكن من غسل يدها من ما يسمى باصطياد النظام وبذلك الإضراب في هذا التوقيت ربما لن يكون مدعوما من هذه القوى الدولية مشددا على أن الخطوة ستكون أكثر فاعلية وجدوى لو انتظرت المعارضة إلى بعد أن يبدأ لنا النظام السوري بأنه لن يلتزم بالبرتوكول الذي قدمته الجامعة العربية سيكون الإضراب أكثر إقناعا سواء للداخل السوري أو الخارج الذي يراقب الأوضاع السورية. وذكر عكاشة في هذا الصدد بأنه بطبيعة الحال العصيان المدني ربما جرب في دول أفريقيا وقت الاستعمار، إلا أن معظم الدول العربية على الأقل لم تظهر فيها هذا العصيان إلا نتيجة للقمع في حين المعارضة كانت ضعيفة، واصفا العصيان المدني بأنه صعب للغاية في ظل تحرك المعارضة ووجود أكثر من أيديولوجيا تحكم هذه المعارضة في أي مكان في العالم . منوها بأن الحال في سوريا يمكن أن تثمر نتيجة أن هناك استنفاداً لجميع الوسائل وبالتالي يمكن أن يؤدي العصيان المدني إلى إسقاط النظام ومن المتوقع أن تجرى جهود دولية للضغط على المعارضة لتأجيله قليلا وهذا التأجيل الذي لن يكون لفترة طويلة لافتا إلى أنه قد يقبل ذلك التأجيل لكون المعارضة ليست موحدة وبالتالي يمكن ان يقبل تأجيل هذا الإضراب من قبل أطراف وأطراف أخرى قد لا تقبل ولا بد من التأكيد على نقطة إذا لم يوجد تأييد كامل لهذا العصيان من كافة أطراف الشعب السوري ربما لن ينجح .